نسخة (ص):
وكلمة "وراء" وإنْ لم تكن واضحة في البيت في نسخة (ص) إلَّا أنها واضحة في شرح البرماوي في نفس النسخة، حيث قال البرماوي: (ونقل عن البغوي أنه ما وراء العشرة).
وإليكم صورة من الشرح من نسخة (ص):
وهذه صُوَر من بعض المخطوطات التى لم تتوفر لَدَى الباحثة:
نسخة (ض):
نسخة (ق):
نسخة (ظ):
نسخة (ش):
وكذا قال ابن برهان: إنه الصحيح وقولُ الشافعي، لقوله: أقبل شهادة أهل الأهواء والبدع إلا الخطابية، فإنهم يتدينون بالكذب.
وكلام محمد بن الحسن يقتضي قبول الخطابية، إذ قال: إذا كنا نقبل رواية أهل العدل وهم يعتقدون أن مَن كَذب فسق، فلأنْ نَقبل رواية أهل الأهواء -وهُم يعتقدون أنَّ مَن كذب كفر- مِن طريق الأَوْلى.
قال ابن برهان: (وتحقيق ما ذكرناه من قبول المبتدعة هو أن أئمة الحديث كالبخاري ومسلم وغيرهما رووا في كُتبهم عن أهل الأهواء، حتى قيل: لو حذفت رواياتهم لابيضت الكتب) (¬1).
انتهى واعترض الهندي في "النهاية" على كون الخطابية من هذا القبيل المستثنى بأنَّ المحكي عنهم في بدعتهم ما يوجب كفرهم، فليسوا مِن أهل القِبلة، فاستثناء الشافعي لهم منقطع.
قلتُ: قد سبق تأويل كلام مَن استثناهم إما على أنَّ فيهم أمرين كل منهما يقتضي الرد، وإما على أن المراد مَن تبع أبا الخطاب على غير ما كفر به -على ما فيه مِن بُعْد. على أن الشافعي في "المختصر" لم يُعَيِّن خطابيًّا ولا غيره. [نعم] (¬2)، سبق نقل الخطيب عنه تعيينهم [مع الرافضة] (¬3).
ونَصُّ "المختصر" في أول كتاب الشهادات: (ولا أَرُد شهادة الرجُل من أهل الأهواء إذا كان لا يرى أن يشهد لِمُوافِقِه بتصديقه وقبول يمينه، وكشهادة مَن يرى كذبه شركًا بالله
¬__________
(¬1) انظر: الوصول إلى الوصول (2/ 184).
(¬2) كذا في (ز، ق). وفي سائر النُّسخ: وإن.
(¬3) من (ز، ق).
بالأول فيقع الفرق، أو بالثاني فلا فرق؛ ولهذا يطلقون الخلاف في المسألة.
وقد حكى الغزالي في "البسيط" -فيما لو قال: (قارضتك على أن لي النصف) وسكت عن جانب العامل- أنَّ: (ظاهر النص أنه فاسد؛ لأن جميع أجزاء الربح تضاف إليه بحكم الملك، وإنما تنصرف عنه بإضافته إلى غيره، ولم يُضف. وذكر ابن سريج قولًا مُخَرَّجًا: إنه يصح؛ تمسكا بالفحوى والمفهوم). انتهى
وقال الهروي في "الإشراف": (لو قال: "ما لِزَيْد علَيَّ أكثر من مائة درهم" لم يكن مُقِرًّا بالمائة؛ لأنه نَفْي مجرد؛ فلا يدل على الإثبات. وفيه وجه أنه إقرار وهو قول أبي حنيفة، وأصل هذا أن دليل الخطاب هل هو حُجة؟ أو لا؟ ). انتهى
وحكى ابن تيمية في بعض مؤلفاته التفصيل بين كلام الشارع وكلام الناس، وقال: (إنه خِلاف الإجماع؛ فإن الناس إما قائل بأن المفهوم من جملة دلالات الألفاظ؛ ولهذا يستدلون -على أنه حُجة- بكلام الناس، أوْ لا، فالتفصيل إحداثُ قولٍ ثالث. وأما إلحاقه بالقياس فممنوع؛ لأنه ليس من دلالات الألفاظ حتى يستوفي فيه الشرع والناس، إنما صار دليلًا بِتَصَرُّف الشارع وجَعْله حُجة) (¬1).
وقد يقال: هذا التفصيل قريب من الذي قبله، وهو الفرق بين الخبر والإنشاء؛ لأن الناس مخبرون عما في أنفسهم، لا منشئون.
وعَكَس بعض الحنفية هذا التفصيل، فقال الخبازي في حواشي "الهداية" في باب "جنايات الحج": إن شمس الأئمة ذكر في "السير الكبير" أن تخصيص الشيء بالذِّكْر لا يدل على كون الحكم بخلافه، إنما هو في خطابات الشرع، فأما في معاملات الناس وعُرفهم فإنه يدل.
¬__________
(¬1) مجموع الفتاوى (31/ 136).
آخِره. فإذا قال: (عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنين إلا واحدًا)، فلمَّا خرج تسعة بالاستثناء الأول جُبر ما بقي (وهو واحد) بالاستثناء الثاني (وهو ثمانية)، فصار تسعة، ثم خرج بالاستثناء الثالث سبعة، بقي اثنان، فجبر بالرابع (وهو ستة)، فصار ثمانية، ثم خرج بالخامس خمسة، فبقي ثلاثة، فجبر بالسادس (وهو أربعة)، فصار سبعة، ثم خرج بالسابع ثلاثة، فبقي أربعة، فجبر بالثامن (وهو اثنان)، فصار الباقي ستة، فأخرج منه بالاستثناء التاسع واحدًا، فصار المُقَرُّ بِه خمسة.
الثانية: أن تحط الأخير مما يليه، وهكذا إلى الأول، فتحط واحدًا من اثنين؛ تبقى واحد، تحطه من ثلاثة، يبقى اثنان. تحطهما من أربعة، يبقى اثنان، تحطهما من خمسة، تبقى ثلاثة، تحطها من ستة تبقى ثلاثة، تحطها من سبعة، تبقى أربعة، تحطها من ثمانية، تبقى أربعة، تحطها من تسعة، تبقى خمسة، تحطها من عشرة، يبقى المُقَرُّ بِه خمسة.
الثالثة: أن تجعل كل وتر من الاستثناءات خارجًا، وكل شفع مع الأصل داخلًا في الحكم، فما اجتمع فهو الحاصل، فتُسقط ما اجتمع من الخارج مما اجتمع من الداخل فهو الجواب.
فالعشرة والثمانية والستة والأربعة والاثنان: ثلاثون، هي المُخْرَج منها.
والتسعة والسبعة والخمسة والثلاثة والواحد: خمسة وعشرون، هي المخرَجة، تبقى خمسة.
الرابعة: أن المستثنى منه أولًا إنْ كان شفعًا كالعشرة في مثالنا، فخذ لكل استثناء من الأوتار واحدًا واجمعه وأسقطه منه، فالباقي الجواب.
فعدد الاستثناءات الأوتار خمسة، تُسقِطها من العشرة؛ تبقى خمسة.
وإنْ كان المستثنى منه أولًا وترًا كَـ "لَهُ عليَّ أحد عشر إلا عشرة، إلا تسعة" إلى آخِره،
كقول الحنفي في التبييت: أتى بمسمَّى الصوم؛ فصحَّ، كما في النَّفل. واستدل على وجود العلة بالإمساك مع النية.
فيقال: فتنتقض العلة بما لو نوى بعد الزوال.
فيقول: لا نُسَلِّم وجود العلة فيه.
فنقول: ينتقض دليلك الذي استدللت به على وجود العلة في محل التعليل. هذا هو الصواب، ولابن الحاجب احتمال بالجواز؛ لأنَّ المعترِض في مقام دَفْع العلة، فليكن له القدح فيها تارة وفي دليلها أخرى، ولا يكون انتقالًا ممنوعًا.
الثالث:
يجب على المستدِل المناظر -عند الأكثرين- الاحتراز مِن النقض إذا قُلنا: قادح. وكذا على الناظر، إلا فيما اشتهر مِن المستثنيات وصار كالمذكور.
وقيل: يجب الاحتراز عنه مطلقًا.
وقيل: إلا في المستثنيات مطلقًا. والله أعلم.
وقولي: (وَ"الْكَسْرُ" إسْقَاطٌ لِوَصْفٍ مُوِّهَا) تمامه قولي بعده:
ص:
856 - في عِلَّةٍ، أُبْدِلَ أَوْ لَمْ يُبْدَلِ ... وَ"عَدَمُ الْعَكْسِ" بِأَنْ لَا يَخْتَلِي
857 - حُكْمٌ لِفَقْدِ عِلَّةٍ إنْ عُلِمَا ... أَوْ ظُنَّ، وَالْإبْدَالُ أَوْلَى، فَاعْلَمَا
858 - وَقَدْحُ ذَا يُبْنَى عَلَى امْتِنَاعِ ... تَعَدُّدِ الْعِلَّةِ، لَا اجْتِمَاعِ
الشرح: ومضمون ذلك نوعان من القوادح في العلة: الكسر، وعدم العكس.
فأما "الكسر": فقال أكثر الأصوليين والجدليين: إنه إسقاط وصف من أوصاف العلة