كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية

522 - "الْأَمْرُ": الِاقْتِضَا لِفِعْلٍ غَيْرِ [كَفْ] ... مَا لَمْ يُفَدْ بِنَحْوِ "كُفَّ" أَمْرُ [كَفْ]
523 - كَـ "لِتَصُمْ" وَ [صَلِّ]، وَ [النَّهْيُ]: طَلَبْ ... كَفٍّ بِغَيْرِ [نَحْوِ] "كُفَّ" يُجْتَنَبْ
524 - كَـ "لَا تَبِعْ"، وَلَيْسَ الِاسْتِعْلَاءُ ... شَرْطًا، وَلَا [يُشْتَرَطُ] [الْعَلَاءُ]
المثال الثاني:
جاء في آخِر رسالة الباحثة الخامسة (ص 531):
فيها اكتست ثوبا [مَنْ] [الَاجمال] ... وسقط الأخذ [بالاستَدِلال]
والجمع قال شيخنا فِي الأولى ... لفظ [ولا لفظ بِذِي في لا فِعْلِ] فهذا الأولى
وهذه صورة من الرسالة:
قلتُ (عبد الله): فَقَدِ اشتمل آخِر بَيْتَيْن في رسالة الباحثة على (10) عَشرة أخطاء! !
والصواب كما في تحقيقي:
611 - فِيهَا، اكْتَسَتْ ثَوْبًا [مِنَ] [الْإجْمَالِ] ... وَسَقَطَ الْأَخْذُ [بِالِاسْتِدْلَالِ]
612 - وَالْجَمْعُ قَالَ شَيْخُنَا: في الْأُولَى ... لَفْظٌ وَذِي فِعْلٌ، فَهَذَا الْأَوْلَى
وهذه صُوَر من المخطوطات:
نسخة (ص):
نسخة (ش):
نسخة (ض):
نسخة (ت):
نسخة (س):
تحريمه ليس قطعيًّا حتى لا يُعتبر ظنُّه معه؛ فتحقق بذلك أن المدار على الملَكَة المانعة كما سبق تقريره.
نعم، حكى في "المحصول" الاتفاق في المظنون على القبول.
قال الهندي: (والأظهر ثبوت الخلاف فيه، كما في الشهادة؛ إذْ لا فَرق بينهما فيما يتعلق بالعدالة) (¬1).
أما مَن يُقْدِم جاهلًا بالحرمة أو الحل فذلك من تفاريع الفقه؛ ولذلك لم أتعرض لهذه المسألة في النَّظم، والله أعلم.
ص:
293 ثُمَّ طَرِيقُ الْعِلْمِ بِالْعَدَالَهْ. . . سَمْعٌ كصَحْبٍ لَهُمُ جَلَالَهْ
الشرح:
أي: ما سبق من شروط الراوي منه ما هو ظاهر يُطَّلع عليه بسهولة، كالبلوغ والعقل والإسلام، ومنه ما هو خفي لا يُطَّلع عليه إلا بعُسر، وهو العدالة. وقد ذكر في طريق معرفتها أمور:
الأول: السمع من الكتاب والسُّنة، وذلك كالصحابة - رضي الله عنهم -، فإن عدالتهم دل عليها قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، وقوله تعالى: {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]، فهُم المخاطَبون حقيقة بهذا الخطاب الشفاهي حتى نقل بعضهم اتفاق المفسرين على أن الصحابة هم المراد من هاتين الآيتين.
¬__________
(¬1) نهاية الوصول (7/ 2881).
ص:
478 - اللهُ جَلَّ وَاضِعُ اللُّغَاتِ ... فَلَا تَدُلُّ بِالْمُنَاسَبَاتِ
479 - وَوَقَّفَ الْعِبَادَ إمَّا وَحْيَا ... أَوْ خَلْقَ فَهْمٍ، أَوْ وَعَوْهَا وَعْيَا
480 - لِعِلْمِهَا ضَرُورَةً، لَا الْبَشَرُ ... وَلَوْ لِقَدْرِ حَاجَةٍ تُعْتَبَرُ
الشرح:
ومعنى "جَلَّ": عَظُم، فهو تعالى ذو الجلال والإكرام، ومن أسمائه الحسنى " الجليل " وهو الموصوف بنعوت الجلال، وهي: الغِنى والمُلْك والقُدْس والعِلم والقدرة ونحوها.
والمضارع من "جَلَّ " يَجِل بالكسر، بخلاف نحو: "جل الرجل عن منزلته" بمعنى: جَلَا عنها، و: "جل القوم عن البلد" جَلوا عنها جلولًا، و: "هُم الجالَّة" فإنَّ مضارع هذا "يَجُل" بالضم.
وقد اشتملت هذه الأبيات على مسألتين:
إحداهما: احتياج اللغة إلى وضع.
والثانية: أن واضعها هو الله تبارك وتعالى.
فأما احتياجها فهي مسألة: دلالة اللفظ على المعنى هل يشترط فيه المناسبة؟
فالجمهور على المنع؛ لأن اللفظ علامة على المعنى ومُعَرف له بطريق الوضع.
وذهب عباد بن سليمان الصيمري (وهو أبو سهل من معتزلة البصرة من أصحاب هشام ابن عمرو، وكان الجبَّائي يصفه بالحذق في الكلام) إلى أن دلالة اللفظ على المعنى لا بُدَّ لها من مناسبة طبيعية، وتبعه بعضهم.
ثم اختلف في النقل عنه ذلك في محلين:
إلا ثنتين إلا واحدة): يحتمل أن يعود الثاني إلى المستثنى منه أولًا. أي: فتطلق واحدة؛ لأن الثاني إذا عاد للأول، صَيَّر الاستثناء مستغرقًا، فيبطله وحده؛ لأنه الذي به الاستغراق. ولكن المرجَّح خِلافه حتى تطلق ثنتين، لأن كل استثناء مما يليه. حتى قال في "الروضة": إنه الصواب.
فقول بعضهم: (إن قول الحناطي قوي؛ لأنَّ مقابِلَهُ ليس له مأخذ غير القُرْب، والقُرْب لا يقتضي تَعَيُّنًا، إنما يقتضي رجحانًا. كما قال البصريون في تنازع العاملين: إنَّ إعمال الثاني أَوْلى؛ لِقُربه. مع اتفاقهم مع الكوفيين على جواز الوجهين) بعيد؛ لأن الفصل في كثير من الأماكن يقتضي المنع، فَعَوْده لِمَا يَلِيه مع [القُرب] (¬1) سالِمٌ مِن الانفصال، فَتَعَيَّن القول به.
أما إذا كانت الاستثناءات متعاطفة نحو: (عشرة إلا أربعة وإلا ثلاثة وإلا اثنين)، فيرجع الكل للمستثنى منه أولًا؛ حملًا للكلام على الصحة ما أَمكن، فإنَّ عَوْد كلٍّ لِمَا يليه قد تَعذَّر بانفصاله بأداة العطف.
هذا إذا لم يلزم مِن عود الكل الاستغراق.
فإنْ كان يلزم منه استغراق، نحو: (له عليَّ عشرة إلا ستة وإلا خمسة)، ألغي ما يقع به الاستغراق، فيلزم أربعة. وكذا: (عشرة إلا خمسة وإلا ستة) يَلزم خمسة. و: (عشرة إلا خمسة وإلا خمسة) يَلزم: خمسة.
قال القاضي أبو الطيب: إذا كان المجموع مساويًا للأصل أو أزيد ببعضها أو بمجموعها فإنْ حصلت المساواة بالاستثناء الأول فلا شك في فساده. أو بالأول والثاني وكان الثاني مساويًا للأول فقد تَعذَّر رجوعه مع الأول إلى المستثنى، وتعذر رجوعه إلى الثاني؛ للعطف وللمساواة، فيفسد لا محالة.
¬__________
(¬1) في (س، ت، ض): الفرق.
عند العاقِد. فهذا كَسْر؛ لأنه نقض مِن جهة المعنى؛ إذِ النكاح في الجهالة كالبيع، بدليل أن الجهل بالعيْن في كل منهما يوجِب الفساد، فَوَصْف كَوْنه مبيعًا مُلْغًى، بدليل أن الرهن ونحوه كذلك. ويبقى عدم الرؤية، فينتقض بنكاح مَن لم يرها.
وإنْ نزلته على الصورة الأُولى -وهي الإبدال بالأَعم- فنقول: عقد على ما لم يره العاقد؛ فينتقد بالنكاح.
ومثاله أيضًا أنْ يقول شافعي في كفارة العمد: قتل مَن يُضْمن بِدِيَة أو قصاص بغير إذْن شرعي؛ فتجب كفارته، كالخطأ.
فيُعترَض بأنَّ خصوص كونه يُضمن بالدية أو القصاص مُلْغًى؛ لأنها تجب على السيد في قتل عَبْده، فيبقى كونه آدميًّا أو يسقط القيد بالكُلية ويبقى ما عداه، وهو منقوض بالحربي والمرتد وقاطع الطريق والزاني المحصن.
ومن أمثلة هذا أيضًا لو قال شافعي: صلاة الجمعة صلاة مفروضة؛ فَلَمْ تفتقر إقامتها لإذن السلطان، كالظهر.
فيقول المعترِض: خصوص كونها مفروضة مُلْغًى؛ لأنَّ التطوع كذلك، فيبقى كونها صلاة مطلوبة، وهو منقوض بصلاة الاستسقاء.
ومن استعمال ذلك في الجدال ما أورده الشيخ في "المهذب" في "باب الزكاة" فيما نتج مِن النصاب في أثناء الحول وماتت [الأُمَّات] (¬1) قبل الحول فتبقى الزكاة في النتاج عند حولان حول الأمَّات، خلافًا لأبي القاسم بن بشار الأنماطي، فقال أبو القاسم: لأنَّ السخال يجري في حول الأمهات بشرط أن تكون الأمهات نصابًا، وقد زال هذا الشرط؛ فوجب أن ينقطع الحول.
¬__________
(¬1) "الأُمَّهات" في الآدميات، و"الأُمَّات" في غَيْر الآدميات.

الصفحة 84