وهذه صُوَر من المخطوطات:
نسخة (ض):
نسخة (ت):
نسخة (ص):
نسخة (ق):
نسخة (س):
نسخة (ش):
المثال الثاني:
جاء في رسالة الباحثة الثامنة (الشطر الثاني من البيت: 804، ص 219):
(من الرواة ثُم غير فقيه).
وهذه صورة من الرسالة:
والصواب كما في تحقيقي: (مِنَ الرُّوَاةِ، ثُمَّ غَيْرٍ فِيهِ).
وهذه صُوَر من المخطوطات:
نسخة (ض):
نسخة (ت):
نسخة (ق):
نسخة (ص):
نسخة (س):
نسخة (ش):
قلتُ: مَن أثنى الله ورسوله عليه بهذا الثناء كيف لا يكون عدلًا؟ ! فإذا كان التعديل يثبت بِقَول اثنين من الناس أو واحد في الراوي كما سيأتي، فكيف لا تثبت العدالة بهذا الثناء العظيم من الله ورسوله؟ !
وهذا المذهب هو المعتمد، بل حكى ابن عبد البر في مقدمة "الاستيعاب" الإجماع عليه من أهل السنة والجماعة، وقال القاضي أبو بكر: إنه قول السلف وجمهور الخلف.
وحكى فيه أيضًا إمام الحرمين الإجماع، قال: (والسبب فيه أنهم نَقَلةُ الشريعة، ولو ثبت توقُّف في روايتهم لَانحصرت الشريعة في عصره - صلى الله عليه وسلم - دُون سائر الأعصار) (¬1).
قال إلْكِيا الطبري: إن عليه كافة أصحابنا، وأما ما وقع بينهم من الحروب والفتن فمبني على الاجتهاد، فإما أن كل مجتهد مصيب، وإما المصيب واحد وغير المصيب معذور، بل مأجور؛ لأنه ليس من الاعتقاديات القطعية، وكما قال عمر بن عبد العزيز: تلك دماء طهر الله منها سيوفنا، فلا نخضب بها أَلسِنتنا.
ووراء هذا المذهب أقوال ضعيفة، بل باطلة:
منها: أنهم كغيرهم في الفحص عن عدالتهم.
ومنها: أنهم عدول إلى زمن قتل عثمان - رضي الله عنه -؛ لظهور الفتن من يومئذ.
والحقُّ أن عثمان قُتل ظلمًا، وحمى الله تعالى الصحابة من مباشرة قَتْله، ولم يتول قتلَهُ إلا شيطانٌ مريد، ولم يحفظ عن أحد من الصحابة الرضا بقتله، بل المحفوظ أن كُلًّا منهم أنكر ذلك.
ومنها: قول المعتزلة كما حكاه ابن الحاجب: إنهم عدول إلَّا مَن قاتل عليًّا ففاسق؛
¬__________
(¬1) البرهان (1/ 407).
طبيعة تلك الحروف؛ ليطابق لفظه معناه.
وكذا زعم المنجمون أن حروف اسم الشخص مع اسم أُمه واسم أبيه تدل على أحواله مُدة حياته؛ لِمَا بينهما من المناسبة.
فَيُرَد على عبَّاد حينئذٍ بما هو مشهور في رَد هذه المذاهب الفاسدة.
وعبارة [الخُويي] (¬1) في المسألة: هل للحروف في الكلمات خواص؟ أو وضعت لمعانيها اتفاقًا؛ فوضع " الباب" لمعنى، و"الناب" بالنون لآخَر، ولو عُكس لم يمتنع.
قال: والاشتغال بالمناسبة لكل لفظ لمعناه -اشتغال بما لا يمكن، وتضييع للزمان. فإنِ اتفق أنْ وقع شيء في الذهن من غير نكير، قيل به كما سبق في الشدة والرخاوة في "قصم " و"فصم".
وبناء المسألة على مسألة حكمية، وهي أن الفاعل المختار هل يشترط في اختياره وجود مرجِّح؟
والأظهر: لا، كاختيار الجائع -لِدفع جوعه- أحد رغيفين.
وحكى الواحدي في "البسيط" عند قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] أن الزجاجي فصل في هذه المسألة بين:
- الألقاب، فلا تحتاج للمناسبة؛ لأن القصد بتسمية "زيد" مثلًا ليس هو لمعنى الزيادة.
- أو غيرها، فيحتاج.
ثم قال بعض شيوخنا: تظهر ثمرة هذا الخلاف فيما إذا تعارض مدلول اللفظ والعُرف، أيهما يُقَدَّم؟ فيه وجهان، أصحهما عند إمام الحرمين والغزالي اعتبار العُرف. ووجَّهَه الإمام
¬__________
(¬1) في (ت): الخوبي. لكن في (ص، ق، ظ): الجويني.
وكأن مستنده في مذهبه أنه لا يستثنى من استثناء. وسيأتي الخلاف فيه، ولا يمكن أن يُعاد للأول؛ للفصل والبُعد، لكن قد قامت الحجة للجمهور في الأمرين كما سبق.
تنبيهات
أحدها: القول في إعراب الاستثناءات متقدمة ومتأخرة مع تفريغ وعدمه من وظيفة النحاة. والأصولي والفقيه إنما يبحثان في المعاني.
نعم، لم يتعرض ابن الحاجب في "مختصره" (¬1) لمسألة التعدد صريحًا، لكن في نَصْب أدلة القائلين بِعَوْد الاستثناء المتعقِّب للجُمَل إلى الأخيرة ذكر منها ما لو قال: (له عليَّ عشرة إلا أربعة إلا اثنين) فإنما يعود [الأخير إلى] (¬2) الذي قبله، لا إلى الكل. ثم أجاب بما يقتضي تسليم القاعدة، وذكر بعد ذلك أيضًا في الأدلة ما يرشد إليها.
الثاني: هذه المسألة مفرَّعة على مسألة جواز الاستثناء من الاستثناء، وهو الصحيح. وبه قال سيبويه، وترجم عليها "باب تثنية المستثنى".
وحكى ابن العربي في "المحصول" عن بعضهم منعه (¬3). وحكى مجلي في "الذخائر" في "باب الإقرار" أن بعض الفقهاء حكى المنع عن بعض أهل العربية؛ لأن العامل في الاستثناء الفعل الأول بتقوية حرف الاستثناء، والعامل الواحد لا يعمل في معمولين.
وكذا قال الروياني: إن مِن أهل اللغة مَن ينكر ذلك؛ لهذه العلة.
¬__________
(¬1) مختصر المنتهى (2/ 282) مع شرحه.
(¬2) كذا في (ص، ق، ش). لكن في (ض، س): الآخر إلى. وفي (ت): إلى الآخر.
(¬3) المحصول (ص 83).
موجودة ولا تَرَخُّص.
ثم ساق ابن الحاجب دليل ذلك والاعتراض عليه والجواب.
وأما تفسير "الكسر" الذي ذكرناه فسماه -تبعًا للآمدي- بـ "النقض المكسور"، وهو تسمية لا يعرفها الجدليون. وزعم أن هذا لا يقدح في العلية، فقال: (وفي النقض المكسور -وهو نقض بعض الأوصاف- المختار: لا يبطل. كقول الشافعي في بيع الغائب: مبيع مجهول الصفة) إلى آخِر ما سبق تقريره في هذا المثال.
لكنه احتج على مختاره بما يقتضي أنه لا يخالف قول الأكثرين بأنَّ الكسر قادح، فقال: (لنا: إنَّ العلة المجموع، فلا نقض). أيْ: لأنه لم يتخلف الحكم عن المجموع، بل عن بعض الأوصاف.
ثم قال: (فإن بيَّن -أيِ المستدِل- عدم تأثير كونه مبيعًا، كان -أيْ ذلك القيد- كالعدم، فيصح النقض، ولا يفيد مجرد ذِكره دَفْع النقض) (¬1).
فيقال: الكسر إنما هو إذا بيَّن المستدِل إلغاء بعض الأوصاف كما قيدناه، فإذا لم يُبيِّن، فلا يُسمى "كسرًا"؛ لأنه لم يأت به على وجهه.
ولا يختص هذا بالكسر، بل كل اعتراض لم يُؤتَ به على وَجْهِه كان غير مقبول.
وإنما أَحْوَجَه أنْ يقول: (وإن بيَّن) كَوْنه لم يأتِ بذكر معنى "الكسر" على اصطلاحهم، فثبت بذلك أنه لا يخالف الأكثر إذا أُتِي بالكسر على الوجه الذي ذكروه.
وأيضًا: فإذا رجع إلى النقض (والنقض قد سبق فيه المذاهب واختياره تفصيلًا فيه) فلا يَسَعه أنْ يطلق اختيار أنه غير قادح، فإنهما مِن هذه الجهة سواء.
¬__________
(¬1) مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل (2/ 1053).