"الفاء" هكذا: {مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] "، وحينئذ قد أكتب الآية كاملة دُون أنْ أُنَبِّه على ذلك.
وقد صَرَّح البرماوي بجواز ذلك، فقال في كتابه هذا "الفوائد السنية، 2/ 754": (إذا استُدِل بآية وأَولها حرف عطف أو نحوه، هل يجوز إسقاط ذلك حيث استقام المعنى بدونه؟ ظاهر تَصرُّف الفقهاء جوازه؛ ففي "الوسيط" للغزالي في أول الصلاة: قال الله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 43]، وفي كتاب البيع: {أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275]، وفي "صحيح البخاري": "لم ينزل علَيَّ إلا هذه الفاذة: {مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] "). انتهى
التنبيه الثالث: من المعلوم أنَّ الهدف مِن علامات الترقيم هو تسهيل فَهْم النَّص فَهْمًا صحيحًا. ولَمْ أَلْتَزم ما هو معهود التزامًا حَرْفِيًّا، وإنما اجتهدتُ في وَضْع علامات الترقيم بما أراه يؤدي الهدف المذكور وبحيث يَخْدم النَّص، وقد اضطرني إلى ذلك صعوبة النَّص وتداخل عباراته أحيانًا.
التنبيه الرابع: مَن أراد أنْ يَسْتَوْعِب ما جاء في هذه الألفية مِن ضرورة شعرية (كتحريك حَرْف ساكن، أو تسكين متحرِّك، أو قَصْر الممدود .. الخ) فينبغي عليه الاطِّلاع على كتاب في العَروض والضرورة الشعرية. وهذا النَّظْم على بحر الرَّجَز.
وأخيرًا: فيما يلي صُوَر من المخطوطات.
وكَتَبَه:
عبد الله رمضان موسى
كلية الشريعة - 1/ 12/ 2014 م
اعتُرض عليه بنحو جرير ممن وفد عليه في السَّنة العاشرة وما قاربها، إلا أن يريد الصحبة المؤكدة، فيستقيم.
ومما لم أُشِر إليه في النَّظم من الاختلاف ما شرَطه بعضهم من البلوغ. حكاه الواقدي عن أهل العلم.
ورُدَّ بخروج نحو عبد الله بن الزبير والحسن والحسين وأنظارهم - رضي الله عنهم -.
وشرط بعضهم كوْنه من البَشَر؛ ليخرج مَن آمن به من الجن الذين قَدِموا عليه من نَصِيبين (¬1) وهم سبعة من اليهود أو ثمانية؛ ولهذا قالوا: {أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} [الأحقاف: 30]. وذكر في أسمائهم: شاصر، وماصر، وناشئ، ومنشئ، والأحقب، وزوبعة وسُرق، وعمرو بن جابر.
وقد استشكل ابن الأثير في "أسد الغابة" قول مَن ذكرهم في الصحابة، وهو محل نظر.
واشترط أبو الحسين بن القطان العدالة، قال: والوليد الذي شرب الخمر ليس بصحابي، وإنما صحْبه الذين هُم على طريقته.
والصحيح خلاف ما قال؛ لِمَا سبق من ثبوت عدالة الصحابة المطلقة، وقد سبق بيان معناها.
¬__________
(¬1) مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادّة القوافل من الموصل إلى الشام. (معجم البلدان، (5/ 288).
انتهى
الثالث: قال الأبياري في "شرح البرهان": (لا فائدة للمسألة، وذِكرها في الأصول فضول) (¬1).
وقال بعضهم: لا فائدة لها إلا تكميل العِلم بهذه الصناعة أو جواز قلب ما لا يُطلَق له بالشرع، كتسمية الفرس ثورًا وعكسه.
وقال بعضهم: إنها جرت في الأصول مجرى الرياضيات، كمسائل الجبر والمقابلة.
وزعم بعضهم خلاف ذلك وأن لها فوائد، فخرج عليها:
ما لو عقد بصداق في السر وبآخَر في العلانية.
أو استعملا لفظ شركة المفاوضة في شركة العنان حيث نَص الشافعي على جوازها.
أو تبايعا بالدنانير وسَمَّياها دراهم، أو عكسه، فإن ابن [الصباغ] (¬2) قال: لا يصح.
وكما لو قال لزوجته: إذا قلتُ: "أنت طالق ثلاثًا" فإني لم أُرِد به الطلاق، وإنما غرضي أن تقومي أو تقعدي، ثم قال لها ذلك، وقع.
وحكى الإمام في "باب الصداق" وجهًا أن الأثمان بما [يتواضعان] (¬3) عليه.
وفي "البسيط" (¬4): سمى أَمته "حرة" ولم يكن ذلك اسمها، ثم قال لها: "يا حرة"، الظاهر أنها لا تعتق إذا قصد النداء. وجعله ملتفتًا على هذه القاعدة.
¬__________
(¬1) التحقيق والبيان في شرح البرهان (1/ 510). ونص كلام الأبياري: (قال بعض الأصوليين: الكلام عليها في الأصول فضول). ثم ذكر الأبياري فائدة واحدة للمسألة.
(¬2) كذا في (ص، ش). لكن في (ت، ق، ظ، ض): الصلاح.
(¬3) كذا في (ق، ظ). لكن في (ص، ش، ض): يتواصيان.
(¬4) في (ق): الوسيط.
يُجَوِّزون شهادته إلا وقد أسقطوا عنه اسم "الفسق") (¬1) إلى آخِر ما قال - رضي الله عنه -.
وعلى كل حال فهذا مذهب الشافعي. وإنْ وقع في بعض نصوصه ونصوص أصحابه ما قد يخالف ذلك فِلأَمر آخَر سيأتي في ذِكر المذاهب الآتية بيانُه.
وممن قال بذلك أيضًا مالك كما نقله عنه ابن القصار، وقال: إنه الظاهر من [مذاهب] (¬2) أصحابه.
ويُحكى عن عبد الجبار، ونقله ابن القشيري عن القاضي أبي بكر.
وهو المرجَّح أيضًا عند الحنابلة، ونقلوه عن نَص أحمد حيث قال في حديث "لا يؤَمنَّ الرجل في سلطانه ولا يُجلس على تكرمته إلا بإذنه" (¬3): أرجو أن يكون الاستثناء على كله. نعم، يُقيد محل الخلاف في عَوْدِه للكل أو للأخير بقيود، منها ما يقتضي أن يعود للكل قطعًا، ومنها ما يقتضي أن يعود للبعض قطعًا. وكل منهما إما على المرجَّح أو على رأي مرجوح، فتُذكر هاهنا؛ لأن كثيرًا منها مخصِّص للقول الذي بدأنا به وهو أرجَح المذاهب وهو العَوْد إلى الكل وإنْ كان تأخيرها عن المذاهب جميعها أَنْسَب مِن تلك الجهة.
منها:
أن يكون المتعدد السابق جُملًا كما عبَّر به الأكثرون، وبه عبر ابن الحاجب والبيضاوي وغيرهما، ولكن كلام أصحابنا في الفروع واستدلالات الأصوليين في المسألة [صريحة] (¬4)
¬__________
(¬1) الأم (7/ 90).
(¬2) في (س، ت، ض): مذهب.
(¬3) صحيح مسلم (رقم: 673) بلفظ: (ولا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ، ولا يَقْعُد في بَيْتِهِ على تَكْرِمَتِهِ إلا بِإِذْنِهِ).
(¬4) كذا في (ص، ق)، لكن في (س، ت): صريح.
المنصوصة أو المستنبطة المُجْمَع عليها.
نعم، سيأتي في أقسامه ما له فائدة في الجملة، فلا يكون "عدم التأثير" في أصل الحكم فيه قادحًا. ويأتي بيان ذلك موضحًا، وإلى ذلك أشرتُ بقولي: (لَهُ أَقْسَامُ وَمُثُلٌ يُدْرَى بِهَا الْمَرَامُ)، أي: المقصود. وإنما لم أذكرها في النَّظم لقصد الاختصار.
فأقسام "عدم التأثير" أربعة:
- ما لا تأثير له أصلًا.
- وما لا تأثير له في حُكم ذلك الأصل.
- وما اشتمل على قيد لا تأثير له.
- وما لا يظهر فيه شيء مِن ذلك ولكن لا يطرد في محل النزاع؛ فيُعْلَم مِن ذلك عدم تأثيره.
ولكل قِسم اسم يُعْرَف به.
فالأول: عدم التأثير في [ذات] (¬1) الوصف. أي: لا تأثير له أصلًا؛ بِكونه طَرْدِيَّا كما سبق في مثال: (الصبح صلاة لا تُقصر؛ فلا يُقَدَّم أذانها). ويرجع حاصله إلى المطالبة بصلاحية كَوْنه عِلة.
الثاني: له تأثير لكن لا في [حُكم] (¬2) الأصل، كما سبق في مثال بيع الغائب: مبيع غير مرئي؛ فلا يصح، كالطير في الهواء.
فيعارَض بأنَّ العلة العجز عن التسليم.
¬__________
(¬1) في (ص، ق): ذلك.
(¬2) كذا في (ص، ق، س)، لكن في (ت): محل حكم.