كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية

الورقة الأولى من (س) وعلى الغلاف أن كمال الدين ابن أبي شريف وقفها على مَن بعده
الورقة الأخيرة من (س)
العقيلي في كتاب "الضعفاء" في ترجمة معان بن رفاعة، وقال: (لا يُعرف إلا به). ورواه ابن أبي حاتم في مقدمة كتاب "الجرح والتعديل"، وابن عدي في مقدمة "الكامل"، وهو مرسَل معضل ضعيف.
وإبراهيم الذي أرسله قال فيه ابن القطان: (لا نعرفه البتة في شيء من العِلم غير هذا).
وقال الخلال في كتاب "العلل": سُئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث، فقيل له: كأنه كلام موضوع؟ فقال: لا، هو صحيح. فقيل له: ممن سمعتَه؟ قال: من غيْر واحد. قيل له: مَن هُم؟ قال حدثني به مسكين إلا أنه يقول: عن معان عن القاسم بن عبد الرحمن، ومعان لا بأس به. ووثَّقه ابن المديني أيضًا.
قال ابن القطان: وخَفِي على أحمد مِن أمره ما عَلِمَه غيره.
ثم ذكر تضعيفه عن ابن معين وابن أبي حاتم والسعدي، وابن عدي وابن حبان.
وقد وَرَدَ هذا الحديث -كما قاله شيخنا الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن العراقي- مرفوعًا مسندًا من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وعلي بن أبي طالب وابن عمر وأبي أُمامة وجابر بن سمرة - رضي الله عنه - بِطُرُق كلها ضعيفة.
قال ابن عدي: ورواه الثقات عن الوليد بن مسلم، عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري، قال: أخبرنا الثقة من أصحابنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال. فَذَكَرَه.
وممن وافق ابن عبد البر على قوله هذا من المتأخرين أبو بكر بن المَوَّاق (بفتح الميم وتشديد الواو وآخِره قاف)، فقال في كتابه "بغية النقاد": أهل العلم محمولون على العدالة حتى يظهر فيهم خلاف ذلك.
¬__________
= (هذا حديث حسن غريب صحيح).
كتسمية النباش سارقًا، قياسًا على مَن سرق من غير القبر، بجامع أن كلًّا منهما أخذ من حرز بِخفيه.
وكتسمية اللائط زانيًا، قياسًا على الواطئ في قُبل أنثى بشروطه المعروفة، بجامع أن كلًّا إيلاج في فرج محرَّم.
وكتسمية النبيذ (وهو ما كان من غير العنب) خمرًا؛ قياسًا على المتخَذ من عصير العنب، بجامع أن كلًّا فيه مخامرة العقل ما لم يجعل الخمر اسمًا لِمَا خامر العقل مطلقًا؛ فيشمل الكل. وشبه ذلك.
وفي ثبوت اللغة به قولان للأصوليين، وهُما وجهان لأصحابنا كما في "اللمع" للشيخ أبي إسحاق و"الحاوي" و"البحر":
أحدهما: المنع، وبه قال الصيرفي والقاضي كما هو في "تقريبه"، وحكاه عنه [المازري] (¬1) وغيره خِلافًا لحكاية ابن الحاجب عنه الجواز.
وإلى ذلك ذهب ابن القطان وإمام الحرمين وإن كان يقول به في أثناء [استدلالاته] (¬2)؛ لأن هذا المحل هو مظنة تحقيق [هذه] (¬3) المسألة، وأما مقام المناظرة فقد يُرتكب فيها في الرد على الخصم غير المعتقد.
وكذلك قال الغزالي والآمدي، بل معظم أصحابنا والحنفية. وهذا معنى قولي في النظم: (لَا مُجَرَّدُ الْقِيَاسِ).
والحجة في ذلك أنه ما من شئ إلا وله اسم في اللغة ولو بطريق الشمول له ولغيره، فلا
¬__________
(¬1) كذا في (ت)، لكن في سائر النسخ: الماوردي.
(¬2) في (ق، ظ): الاستدلال. وفي (ض): الاستدلالات.
(¬3) من (ص).
ومنها:
أن لا يتخلل بين الجملتين كلام طويل. فإنْ تخلل، اختص بالأخيرة كما سبق نقله عن حكاية الرافعي عن إمام الحرمين. والمعنى فيه أن طُول الفصل يُشعر بقَطْع الأُولى عن الثانية.
ومنها:
ما ذكره أبو نصر القشيري أنْ لا يكون كل مِن المتعدد [بمعنى] (¬1) الآخَر، بل يُنبئ عما لا يُنبئ عنه الآخر، كَـ: (اضرب العصاة والجناة والطغاة والبغاة إلا مَن تاب)، فيعود للكل قطعًا. وهذا من قيود نفي الخلاف الآتي.
ومنها:
تَناسُب الجمل، فقد ذكره البيانيون في صحة عطفها حتى لا يعطف إنشاء على خبر، وخبر على إنشاء، ووافقهم ابن مالك، وحينئذٍ فلا يحسُن التمثيل بآية القذف.
لكن أكثر النحويين على الجواز؛ ولهذا مثّل الأئمة بالآية.
ونحو ذلك: مَن يمنع عطف الفعلية على الاسمية وعَكْسَه، لا يمثل بالآية أيضًا؛ لأن {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] اسمية.
ومنها:
اشتراط بعضهم في محل الخلاف أنْ لا يكون العامل في الكل واحدًا، فإنْ كان العامل واحدًا، عاد للكل قطعًا، نحو: (اهجر بني فلان وبني فلان إلا مَن صلح)، بخلاف آية القذف، فإن العامل فيها متعدد.
واشتراط بعضهم اتحاد العامل، فإنِ اختلف، اختص بالأخيرة.
¬__________
(¬1) في (ص، ق، ش): معنى.
أحدها: أن يدل على تصحيح مذهب المعترِض مِن غير تَعَرُّض لإبطال مذهب المستدِل.
والثاني: أن يكون لإبطال قول المستدِل صريحًا.
والثالث: أن يكون لإبطاله ضمنًا، لا صريحًا.
فأما الأول: فكاستدلال الحنفية على اشتراط الصوم في صحة الاعتكاف بقولهم: الاعتكاف لبث مخصوص؛ فلا يكون مُجَرَّده قُربة، كالوقوف بعرفة، فإنه إنما صار قُربة بانضمام عبادة أخرى إليه وهو الإحرام.
فيقول الشافعي: لبث مخصوص؛ فلا يشترط فيه الصوم، كالوقوف بعرفة.
وأما الثاني: فكما يقولون: مسح الرأس ركن مِن أركان الوضوء؛ فلا يكفي فيه أَقل ما ينطلق عليه الاسم؛ قياسًا على الوجه.
فيقول الشافعي: مسح الرأس ركن مِن أركان الوضوء؛ فلا يُقَدَّر بالربع، كالوجه.
ففيه نفى مذهب المستدِل صريحًا، ولم يُثْبت مذهبه؛ لاحتمال أنْ يكون الحقُّ هو الاستيعاب كما هو قول مالك.
وأما الثالث: فكقولهم في بيع الغائب: عقد معاوضة؛ فيصح مع عدم الرؤية للمعقود عليه، قياسًا على النكاح.
فيقول الشافعي: عقد معاوضة؛ فلا يثبت فيه خيار الرؤية، كالنكاح.
فثبوت خيار الرؤية لازِم لصحة بيع الغائب عندهم، وإذا انتفى اللازم، انتفى الملزوم.
وهذان داخلان في قولي: (أَوْ لَا، بَلِ الْإبْطَالُ فِيهِ يَعْتَرِضْ)، فإنه يشمل الإبطال بالتصريح وبالتضمن.
وقولي: (وَمِنْهُ مَا "قَلْبَ الْمُسَاوِي" يُسْمَى) هو بنَصب "قلب" مفعولا ثانيًا لِـ "يُسمى"، قُدِّم على العامل. والإشارة بذلك إلى أن مِن "القلب" نوعًا يسمى "قلب المساواة"، وهو أنْ

الصفحة 98