كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

الوجه الأول: لا نُسَلِّمُ صحةَ ما نُسِبَ إِلى ابنِ عبد البرِ مِنْ حكايته للإجماعِ (¬١).
ويمكن الجواب عن الوجه الأول: بأنَّ ما ذكرتموه مِن التشكيكِ في نسبةِ حكايةِ الإِجماعِ إِلى ابنِ عبدِ البر مردودٌ؛ وحكايةُ الإِجماعِ ثابتةٌ عنه، فقد ذَكَرَها في كتابِه: (جامع بيان العلم وفضله) (¬٢).
الوجه الثاني: لا نُسلِّمُ صحةَ الإِجماعِ المحكي في دليلِكم؛ إِذ هناك مَنْ خالفَ في المسألةِ، ففي تفسيقِ متتبعِ الرخصِ عن الإِمامِ أحمدَ روايتانِ (¬٣)، وذَهَبَ ابنُ أبي هريرةَ (¬٤) إِلى عدمِ تفسيقِه (¬٥)، وجاءَ عن العزِّ بنِ عبدِ السلام ما يدلُّ على جوازِ تتبعِ الرخصِ (¬٦).
---------------
(¬١) انظر: تيسير التحرير (٤/ ٢٥٤)، وأصول الفقه للدكتور وهبة الزحيلي (٢/ ١١٥٥).
(¬٢) انظر: (٢/ ٩٢٧). والعجب أن يَرِد هذا الاعتراض من الدكتور وهبة الزحيلي، وكتاب (جامع بيان العلم وفضله) يسهل الوصول إِليه.
(¬٣) انظر: المسودة (٢/ ٩٣٠)، وأصول ابن مفلح (٤/ ١٥٦٤)، والتحبير (٨/ ٤٠٩٣). يقول ابن مفلح في كتابه: أصول الفقه (٤/ ١٥٦٤): "ذكر بعضُ أصحابنا في فسق من أخذ بالرخص روايتين، وإنْ قوي الدليل أو كان عاميًا، فلا، كذا قال".
(¬٤) هو: الحسن بن الحسين بن أبي هريرة، أبو علي البغدادي، كان إِمامًا جليلًا، وأحد شيوخ المذهب الشَّافعي، انتهت إِليه رئاسة مذهبه، تفقه بابن سريج ثم بأبي إِسحاق الشيرازي، كان معظمًا عند السلاطين والرعايا، تولى منصب القضاء، قال عنه أبو القاسم الرافعي: "إِن ابن أبي هريرة زعيم عظيم للفقهاء"، من مؤلفاته: شرح مختصر المزني، والمسائل في الفقه، توفي سنة ٣٤٥ هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السَّلام للخطيب (٨/ ٢٥٣)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (٢/ ٧٥)، وسير أعلام النُّبَلاء (١٥/ ٤٣٠)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (٣/ ٢٥٦)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (١/ ١٢٦)، وشذرات الذهب لابن العماد (٤/ ٢٤٠).
(¬٥) انظر: التقرير والتحبير (٣/ ٣٥١)، وتيسير التحرير (٤/ ٢٥٤)، وفواتح الرحموت (٢/ ٤٠٦)، وإرشاد المقلدين للشنقيطي (ص/ ٢٥٩)، وأصول الفقه للدكتور وهبة الزحيلي (٢/ ١١٥٥)، والأخذ بالرخص الشرعية له، مجلة مجمع الفقه الإِسلامي، العدد: الثامن (١/ ٦٣).
وانظر قول ابن أبي هريرة في: العزيز شرح الوجيز للرافعي (١٢/ ٤٢٧)، وتشنيف المسامع (٤/ ٦٢١)، والبحر المحيط (٦/ ٣٢٥).
(¬٦) انظر: جامع مسائل الأحكام للبرزلي (١/ ١١٨)، والفتاوى الكبرى الفقهية للهيتمي (٤/ ٣٠٥)، والدر الفريد لأحمد الحموي (ص/ ١١٢)، وإجابة السائل للصنعاني (ص/ ٤١٣).

الصفحة 1011