كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

الجواب عن الوجه الثاني: أجيب عنه من وجهين:
الأول: أنَّ للإِجماعِ المذكورِ مستندًا مِنْ أقوالِ السلفِ، أمَّا ما جاءَ عن العز بنِ عبد السلام - على فرضِ ثبوتِ القولِ بالجوازِ عنه - فإِنَّه لم يبيّنْ مستندًا لقولِه (¬١).
وأيضًا: هو محجوجٌ بالإِجماعِ المنعقدِ قبلَ قولِه (¬٢).
الثاني: لا يستلزمُ عدمُ تفسيقِ متتبع الرخصِ القول بجوازِ تتبّعِ الرخصِ؛ ويكون حالُه كحالِ مرتكبِ الصغيرةِ (¬٣).
الوجه الثالث: يُحْمَلُ الإِجماعُ المحكي على منعِ تتبعِ الرخصِ مِنْ غيرِ تقليدٍ لمَنْ قالَ بها، أو على الرّخصِ المركبه في الفعلِ الواحدِ الَّذي لا يقولُ بمجموعِه مجتهدٌ (¬٤).
ويمكن الجواب عن الوجه الثالث: بانَّ ما ذكروه في مناقشتِهم صَرْفٌ للإِجماعِ عن ظاهرِه بلا قرينةٍ، وهذا مردودٌ.
الدليل الثاني: أن للهَ تعالى أَمَرَ بالردِّ إِليه وإِلى رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (¬٥)، وتتبعُ الإِنسانِ للرخصِ مضادٌّ للرجوع إِلى الله تعالى وإِلى رسولِه - صلى الله عليه وسلم - (¬٦).
---------------
(¬١) انظر: المعيار المعرب للونشريسي (١٢/ ٣١)، وفتح العلي المالك لعليش (١/ ٧٩).
(¬٢) انظر: فتح العلي المالك لعليش (١/ ٧٩).
(¬٣) انظر: حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج للرملي (١/ ٧٤)، وحاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٤٠٠).
(¬٤) انظر: التقرير والتحبير (٣/ ٣٥١)، وفواتح الرحموت (٢/ ٤٠٦)، وحاشية العطار على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٤٤٢).
(¬٥) من الآية (٥٩) من سورة النساء.
(¬٦) انظر: الموافقات (٥/ ٨٢)، والتقليد والإِفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص / ١٦٧)، وأصول الفقه للدكتور وهبة الزحيلي (٢/ ١١٥٤)، والأخذ بالرخص الشرعية له، مجلة مجمع الفقه الإِسلامي، العدد: الثامن (١/ ٦١).

الصفحة 1012