كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

ثالثًا: أنَّ الأدلةَ التي استدلَّ بها المجوزون لتتبعِ الرخصِ لا تقوى على القولِ بجوازِها، وقصارى أمرِها أنَّها تدلُّ على مشروعيةِ التيسيرِ والتخفيفِ، ورفعِ المشاق، ولا يدخلُ جوازُ تتبع الرخصِ فيما ذكروه.
رابعًا: وجاهةُ الضوابطِ التي ذكرها مجمعُ الفقهِ الإسلامي.
• أثر الخلاف:
الخلافُ بين الأقوال خلافٌ معنوي، ويظهرُ أثرُه في المسائل الآتية:
المسألة الأولى: هلْ يفسقُ متتبعُ الرخص؟
مَنْ قال بجوازِ تتبعِ الرخصِ قال: إنَّه لا يفسقُ، وهذا ما ذَهَبَ إليه أصحابُ القولِ الثاني.
مَنْ قال بمنع تتبع الرخص، اختلفوا في تفسيقه على قولين:
القول الأول: أنَّ متتبعَ الرخصِ فاسقٌ. وهذا القولُ هو أحد الوجهين عند الشافعية (¬١)، وروايةٌ عن الإمامِ أحمدَ (¬٢). واختاره أبو إسحاق المروزي (¬٣)، وابنُ القيّم (¬٤).
القول الثاني: أنّ متتبعَ الرخصِ غيرُ فاسقٍ. وهذا القولُ هو الأوجه عند الشافعيةِ (¬٥)، وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمدَ (¬٦). وذَهَبَ إليه ابنُ أبي هريرة (¬٧).
وذَهَبَ بعضُ الشافعيةِ إلى أنَّ مَنْ تتبع رخصِ غيرُ المذاهب الأربعة فسقٌ، أمَّا مَنْ تتبع رخص المذاهبِ الأربعةِ، فلا يفسقُ (¬٨).
---------------
(¬١) انظر: البحر المحيط (٦/ ٣٢٥)، والفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي (٤/ ٣٠٥).
(¬٢) انظر: المسودة (٢/ ٩٣٠)، وأصول الفقه لابن مفلح (٤/ ١٥٦٣)، والتحبير (٨/ ٤٠٩٣)، وكشاف القناع للبهوتي (١٥/ ٦٠).
(¬٣) انظر: البحر المحيط (٦/ ٣٢٥).
(¬٤) انظر: إعلام الموقعين (٦/ ١٤٢).
(¬٥) انظر: نهاية المحتاج للرملي (١/ ٤٧).
(¬٦) انظر: أصول الفقه لابن مفلح (٤/ ١٥٦٤)، والتحبير (٨/ ٤٠٩٣).
(¬٧) سبق توثيق قول ابن أبي هريرة.
(¬٨) انظر: نهاية المحتاج للرملي (١/ ٤٧).

الصفحة 1021