كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

وهذا التعريفُ قاصرٌ على التلفيقِ في التقليدِ، وإنْ كان كثيرٌ مِن البحوثِ التي عرضها أعضاءُ مجمع الفقه الإسلامي قد ذكرت التلفيقَ في التقليد، وفي الاجتهادِ، وفي التقنينِ (¬١).
التعريف الثاني: الإتيانُ بكيفيةٍ لا يقولُ بها مجتهدٌ.
نَقَلَ الشيخُ محمدٌ الباني هذا التعريفَ عن بعضِ العلماءِ مقِّرًا له (¬٢)، ويقولُ شارحًا له: "وذلك أنْ يُلفِّق في قضيةٍ واحدةٍ بين قولين، أو أكثر يتولَّد منها حقيقةٌ مركبةٌ، لا يقولُ بها أحدٌ" (¬٣).
ويظهرُ مِن شرح الشيخِ الباني للتعريفِ اتفاقه في المعنى تقريبًا مَعَ التعريفِ الأولِ؛ إلا أنَّ الأولَ قد قصره على المقلّد.
وذَكَرَ الشيخُ محمدٌ السنهوري أنَّ منيبًا النابلسي (¬٤) عرَّفَ التلفيقَ بـ: أنْ يأتي بكيفيةٍ لا يقولُ بها مجتهدٌ (¬٥).
وقد يكون العالمُ المبهمُ الذي نقل الشيخُ الباني تعريفه هو منيب النابلسي (¬٦).
---------------
(¬١) انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، العدد: الثامن (١/ ٤٧ - ٥٨٣).
(¬٢) انظر: عمدة التحقيق (ص/ ٩١).
(¬٣) المصدر السابق (ص/ ٩١ - ٩٢).
(¬٤) هو: منيب أفندي بن محمود بن مصطفى بن عبد الله بن محمد بن هاشم الجعفري النابلسي، ولد في نابلس سنة ١٢٧٢ هـ نشأ في مسقط رأسه، وتلقى العلم في المدارس الأهلية، ثم سافر إلى مصر، والتحق بالأزهر، وأخذ عن مشاهير علمائه، ثم سافر إلى الآستانة، وتعرّف على علماء المشيخة الإسلامية، كان مفتي نابلس، وتولى القضاء الشرعي غير مرة في عهد الدولة العثمانية، وهو من أجل فقهاء الحنفية، من مؤلفاته: حميد الآثار في نظم تنوير الأبصار، ورسالة في الكسب، وأرجوزة في علم الوضع، والقول السديد في أحكام التقليد، فرغ من تأليفه سنة ١٣٠٧ هـ بالقسطنطينية، توفي سنة ١٣٤٣ هـ. انظر ترجمته في: الأعلام الشرقية لزكي مجاهد (٢/ ٥٢٤)، وعمدة التحقيق للباني (ص/ ١٠٧)، حاشية (١)، ومعجم المؤلفين لكحالة (٣/ ٩٢١).
(¬٥) انظر: التلفيق بين أحكام المذاهب، مجلة البحوث الإسلامية بالأزهر (١/ ٧٧).
(¬٦) قارن بالتلفيق وموقف الأصوليين منه للدكتور محمد الدويش (ص/ ١٤٥).

الصفحة 1033