كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

التعريف المختار:
الذي أراه في هذا المقام أن غالبَ التعريفاتِ تسيرُ في اتجاهٍ متقاربٍ، يؤكدُ هذا الأمر: أنَّ أمثلةَ المعرّفين متقاربة في المعنى.
وحين إرادة تعريفِ التلفيق لا بُدَّ مِن الانتباه إلى دلالةِ التعريفِ على كونِ التلفيقِ في مسألةٍ واحدةٍ، أو مسألتين لهما حكمُ المسألةِ الواحدةِ؛ للتلازم بينهما، والانتباه أيضًا إلى دخولِ أقسامِ التلفيقِ: (التلفيق في الاجتهاد، والتلفيق في التقليد، والتلفيق في التقنين) تحتَ التعريفِ.
ويمكنُ تعريفُ التلفيقِ بين المذاهب بأنَّه: تركيبٌ (¬١) كيفيةٍ في مسألةٍ واحدةٍ، ذات فروعٍ مترابطةٍ، أو في مسألتين لهما حُكمِ المسألةِ الواحدةِ، مِنْ قولِ مجتهدَيْنِ أو أكثر، بحيثُ لا يقولُ بصحتها أحدٌ مِن المجتهدين.
وتكونُ المسألتانِ في حكمِ الواحدةِ إذا كان بينهما تلازمٌ وتأثيرٌ.
وقبلَ الانتقالِ إلى المطلب الثاني أُشيرُ إلى مسألةٍ مهمةٍ، وهي: هل يدخلُ في التلفيقِ ما إذا ركَّبَ المتمذهبُ في مسألةٍ واحدةٍ - أو مسألتين في حكم الواحدة - تركيبةً مِنْ قولِ إمامِ مذهبِه، وقولِ أحدِ أصحابِه المجتهدين؟
يتحدثُ الشيخُ محمدٌ السنهوري عن هذه المسألةِ، فيقول: "ما المرادُ بالمذاهبِ والأئمةِ؟ فهلْ مذاهبُ الأئمةِ المجتهدين وإنْ اجتمعتْ أقوالُهم في مذهبٍ واحدٍ مِن المذاهبِ التي جمعها التدوينُ، كمذهبِ أبي حنيفةَ وأصحابه: أبي يوسف ومحمد وغيرهما، ومذاهب مالك وأصحابه المجتهدين، ومذاهب الشافعي وأصحابه المجتهدين، فيكون التركيبُ بين مذاهبِهم تلفيقًا وإنْ جمعهم مذهبٌ واحدٌ في التدوينِ؟ أو هي المذاهب المستقلة في التدوينِ؟ والإمامُ هو مَنْ يُنْسَب إليه المذهبُ برُمّتِه، فلا يكونُ تركيبُ التقليدِ مِنْ أقوالِه وأقوالِ أصحابِه تلفيقًا" (¬٢).
---------------
(¬١) انظر: الأخذ بالرخصة وحكمه للدكتور أبو بكر دوكوري، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد: الثامن (١/ ٥٨١).
(¬٢) التلفيق بين أحكام المذاهب، مجلة البحوث الإسلامية بالأزهر (١/ ٨٠).

الصفحة 1039