كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

الدليل الرابع: أنَّ القولَ بمنعِ التلفيقِ يُناقضُ مبدأين مشهورين في الشريعةِ، وهما:
المبدأ الأول: اختلافُ الأئمةِ رحمةٌ.
المبدأ الثاني: يسرُ الشريعةِ وسماحتها، وحرصُ الشرعِ على رفعِ الحرجِ، ودفعِ المشقةِ (¬١).
الدليل الخامس: أنَّ القولَ بمنعِ التلفيقِ يُؤدي إلى ضررٍ عظيمٍ، وهو القولُ ببطلانِ عباداتِ العوام، ووصفهم بالفسقِ؛ لتلبّسهم بعباداتٍ باطلةٍ، فمثلًا: مَنْ لفَّقَ في وضوئِه بين قولِ الإمامِ أبي حنيفة والإمامِ الشافعي، فإن طهارته لا تصحُّ عند المانعين مِن التلفيقِ، ومؤدّى هذا القولِ إبطالُ صلاةِ كثيرٍ مِن الناسِ، وفي هذا مِن المفاسدِ ما لا يخفى على أحدٍ (¬٢).
وقد استدلَّ القائلُ بجوازِ التلفيقِ بشرطِ: أن لا يتتبعَ الرخصَ: أنَّ الناسَ لا يَسَعُهم إلا القولُ بجوازِ التلفيق في هذه الحال؛ ومنعهم منه يوقعهم في حرجٍ شديدٍ (¬٣).
أدلةُ أصحاب القول الثالث (المفصِّلين في حكم التلفيق):
ذَكَرَ بعضُ أصحابِ الاتجاهات أدلةً على ما ذهبوا إليه، وأغفَلَ آخرون ذكرَ أدلتِهم، ولعَل مَنْ أغفلَ ذكر أدلته نَظَرَ إلى أنَّه تجتمعُ أدلةُ أصحابِ القولِ الأولِ، وأدلةُ أصحاب القول الثاني في القولِ الذي ذَهَبَ إليه.
---------------
(¬١) انظر: عمدة التحقيق للباني (ص/ ٩٥)، والأخذ بالرخص الشرعية وحكمه للدكتور وهبة الزحيلي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد: الثامن (١/ ٦٧)، وتعليق محققي القول السديد لملا فروخ (ص/ ٨٠)، ط: دار الدعوة.
(¬٢) انظر: عمدة التحقيق للباني (ص/ ٩٨)، وتعليق محققي القول السديد لملا فروخ (ص/ ٨٠)، ط: دار الدعوة.
(¬٣) انظر: فتيا لمرعي الحنبلي (ص/١٦٧) مطبوعة مع التحقيق في بطلان التلفيق.

الصفحة 1081