كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

وقد ثَبَتَ الحديثُ بالأمرِ بالشربِ مِنْ أبوالِ الإبلِ في حديثِ العرنيين؛ إذ قالَ لهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (إنْ شئتم أنْ تخرجوا إلى إبلِ الصدقةِ، فتشربوا مِنْ ألبانِها وأبوالِها) (¬١).
المثال الرابع: ذَهَبَ متأخرو الحنابلةِ إلى عدمِ استحبابِ رفعِ اليدينِ في الصلاةِ حالَ القيامِ مِن التشهدِ الأولِ (¬٢).
وقد ثبتتْ أحاديث دالةٌ على مشروعيةِ رفعِهما في هذا الموطنِ، كحديثِ عبدِ الله بنِ عمرَ - رضي الله عنهما - أنَّه إذا قامَ من الركعتين رَفَعَ يديه، ورَفَعَ ابنُ عمر ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬٣).
المثال الخامس: ذهبت الحنفيةُ (¬٤)، والمالكيةُ (¬٥)، والإمامُ أحمد في روايةِ أبي داود عنه (¬٦) إلى عدمِ مشروعيةِ زيادةِ المأمومِ في الصلاةِ على قوله: ربنا ولك والحمد.
وقد ثبتَ أنَّ رجلًا صلَّى خلفَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال بعد الرفعِ من الركوعِ: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. فلمَّا انصرفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ صلاتِه قال: (مَن المتكلم؟ ) قال: أنا. قال - صلى الله عليه وسلم -: (رأيتُ بضعةً وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيّهم يكتبها أولُ) (¬٧).
---------------
(¬١) أخرج الحديث من طريق أنس بن مالك - رضي الله عنه -: البخاري في: صحيحه، كتاب: الوضوء، باب: أبوال الإبل والغنم والدواب ومرابضها (ص/ ٦٧)، برقم (٢٣٣)؛ ومسلم في: صحيحه، كتاب: القسامة والمحاربين والقصاص، باب: حكم المحاربين والمرتدين (٢/ ٧٩٤)، برقم (١٦٧١)، واللفظ له.
(¬٢) انظر: كشاف القناع للبهوتي (٢/ ٣٨٠)، وشرح منتهى الإرادات له (١/ ٤٠٧).
(¬٣) أخرج الحديثَ: البخاريُّ في: صحيحه، كتاب: الأذان، باب: رفع اليدين إذا قام من الركعتين (ص/ ٧٣٥)، برقم (٧٣٩).
(¬٤) انظر: بدائع الصنائع للكاساني (١/ ٢٠٩ - ٢١٠).
(¬٥) انظر: الكافي لابن عبد البر (١/ ٢٠٧)، والذخيرة للقرافي (٢/ ٢١٨).
(¬٦) انظر: مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود (ص/ ٥١)، والمغني لابن قدامة (٢/ ١٨٩).
(¬٧) أخرج الحديث: البخاريُّ في: صحيحه، كتاب: الأذان، باب: (دون ترجمة) (ص/ ١٦٤)، برقم (٧٩٩) من حديث رفاعة بن رافع الزرقي - رضي الله عنه -.

الصفحة 1100