كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

الاستنباطُ مِنْ نصوصِ الشارعِ؛ لأنَّ الاستنباطَ فرعُ معرفةِ أصولِ الفقهِ" (¬١).
ولذا نصَّ بعضُ الأصوليين على أنَّه ليس لغيرِ المجتهدِ - ويدخل فيه المتمذهبُ - العملُ بمعنى القرآنِ والسنةِ؛ لاحتمالِ أنْ يكونَ له ناسخٌ أو مخصصٌ أو مقيَّدٌ أو معارض أقوى، وقد يحمله على غيرِ المرادِ منه (¬٢).
ولعل مقصدهم هو عدم جواز أَخْذِ غيرِ المجتهدِ المطلقِ مِن الدليل مباشرةً، دون نظرٍ ورجوعٍ إلى كلامِ العلماءِ؛ إذ هذا الأمر من وظائفِ المجتهدِ المطلقِ (¬٣).
يقولُ ابنُ حمدان: "ليس لكلِّ فقيهٍ أنْ يعملَ بما رآه حجةً مِن الحديثِ حتى ينظر، هلْ له معارضٌ أو ناسخٌ أم لا؟ أو يسأل مَنْ يعرف ذلك ويُعْرَفُ به" (¬٤).
ولا يعني ما تقدّم حَصْرُ فهمِ القرآن وتدبّره على مَنْ عَرَفَ أصولَ الفقهِ، بلْ لمَنْ لم يعرفْ أصولَ الفقهِ تدبّر القرآن وطلب فهمِه، لكنْ ليس لغيرِ المجتهدِ استنباطُ الحكمِ مباشرةً دونَ الرجوع إلى عالمٍ مِن العلماءِ؛ لتوقفِ ذلك على معرفةِ الأدلةِ الأخرى ممَّا لها صلةٌ بمحلِّ الاستنباطِ.
يقولُ الشيخُ محمدٌ الأمين الشنقيطي بعدَ أنْ بيّنَ أنَّ متأخري الأصوليين على منعِ تدبّر القرآنِ وتفهمه: "الحق الذي لا شك فيه، أن كل مَنْ له قدرةٌ مِن المسلمين على التَّعلمِ والتَّفهمِ وإدراكِ معاني الكتاب والسنة: يجب عليه تعلمهما، والعمل بما علمَ منهما.
---------------
(¬١) الفروق (٢/ ٢٠٤).
(¬٢) انظر: رفع النقاب للشوشاوي (٥/ ٢١٧)، وحاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٨٤)، ورسالة في: الاجتهاد والتقليد لحمد المعمر (ص/ ٨٨)، ونشر البنود (٢/ ٢٦٥)، ومراقي السعود إلى مراقي السعود (ص/ ٤٠٢)، ونثر الورود للشنقيطي (٢/ ٥٧٧).
(¬٣) انظر: الاجتهاد والتقليد لحمد المعمر (ص/ ٨٤).
(¬٤) صفة الفتوى (ص/ ٣٨).

الصفحة 1102