كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

واختارَ أشرف علي التهانوي (¬١) القولَ الثاني إنْ كانَ سيترتب على العملِ بالراجحِ فتنة، أو وقوعُ العامةِ في التشويشِ، أو تفريق الكلمةِ بين المسلمين (¬٢).
وذَهَبَ إلى القولِ الثاني بعضُ المتأخرين (¬٣).
وقد نَسَبَ شاه ولي الله الدهلويُّ (ت: ١١٦٧ هـ) - كما نقله عنه محمد المعين السندي (¬٤) - إلى بعضِ فقهاءِ عصرِه القولَ بالأخذِ بالمذهبِ، ومنع العملِ بالحديثِ، وقد بيَّنَ أنَّه لم يسمعْ بهذا القولِ ممَّنْ هم في طبقةِ مشايخِه.
وظاهرُ قولِ ابنِ رجب في رسالتِه: (الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة) (¬٥) اختيارُ القول الثاني إذا كان إمامُ المذهبِ محيطًا بالسنةِ.
لكن الذي يترجّحُ عندي أنَّ ابنَ رجب قَصَدَ بكلامِه المبتدئَ في طلبِ
---------------
(¬١) هو: أشرف علي بن عبد الحق التهانوي، ولد بتهانه سنة ١٢٨٠ هـ قرأ مختصرات الفقه على علماء بلده الحنفيين، ودَرَس المنطق والحكمة وأصول الفقه وبعض الحديث، ثم سافر إلى الحج، أخذ عن بعض الأحناف الطريقه الصوفية، ورجع إلى الهند، ودرّس مدة طويلة في مدرسة جامع العلوم، تنقل بين عدة مدن، وانتهت إليه الرئاسة في تربية المريدين، من مؤلفاته: أنوار الوجود في أطوار الشهود، والتجلي العظيم في أحسن تقويم، وبيان القرآن، وجامع الآثار، توفي سنة ١٣٦٣ هـ. انظر ترجمته في: نزهة الخواطر لعبد الحي الحسني (٨/ ١١٨٧)، ومقدمة إعلاء السنن لظفر التهانوي (١/ ٩)، وأشرف علي التهانوي لمحمد الندوي (ص/٢١).
(¬٢) نقل محمد العثماني قولَ التهانوي في: أصول الإفتاء (ص/ ٤٧٢) مع شرحه المصباح في رسم المفتي.
(¬٣) انظر: مجلة المنار (١/ ٨٣٢) فقد جاء فيها عن بعض شيوخ الأزهر قوله: "مَنْ تركَ كلامَ فقهاء مذهبه؛ للأخذ بحديث مخالف فهو زنديق"! !
وجاء في: (غاية الأماني في الرد على النبهاني) لأبي المعالي الألوسي (١/ ٩٨): "وقد سمعت من بعض قضاة الأتراك أنَّه قال: إذا رأيتُ نصًّا في: (منية المصلي)، ورأيتُ حديثًا في صحيح الإمام البخاري يخالف ذلك النصَّ، آخذ بما في: (المنية)، وأترك الحديث الصحيح، ولا أعمل به".
(¬٤) انظر: دراسات اللبيب (ص/ ٧).
(¬٥) انظر: (ص/ ٤٤ - ٤٥).

الصفحة 1108