كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

وقريبٌ مِنْ هذا القول ما اختاره شمسُ الدّينِ الذهبي، إذ قررَ اتباعَ الحديثِ إذا خالفَ المذهبَ بالشروطِ الآتية:
الشرط الأول: أنْ يقولَ بما دلَّ عليه الحديثُ مجتهدٌ مِنْ نظراءِ الأئمةِ الأربعةِ، كسفيان والأوزاعي.
الشرط الثاني: أن يكونَ الحديثُ ثابتًا سالمًا مِن العلةِ.
الشرط الثالث: أنْ لا تكونَ حجةُ إمامِ المذهب حديثًا صحيحًا معارضًا للآخرِ (¬١).
وبناءً عليه، لا يجوزُ أخذُ حديثٍ صحيحٍ تنكّبه سائرُ أئمةِ الاجتهادِ، وقد مثَّلَ شمسُ الدّينِ الذهبيُّ بحديثِ: (فإنْ شرب في الرابعةِ، فاقتلوه) (¬٢)،
---------------
(¬١) انظر: سير أعلام النبلاء (١٦/ ٤٠٥).
(¬٢) جاء الحديث عن عدد من الصحابة - رضي الله عنهم -، وممن ورد عنهم:
أولًا: حديث معاوية - رضي الله عنه -، ولفظه: (من شرب الخمرَ فاجلدوه، فإنْ عاد في الرابعة فاقتلوه)، وأخرجه: أبو داود في: سننه، كتاب: الحدود، باب: إذا تتابع في شرب الخمر (ص/ ٦٧٠)، برقم (٤٤٨٢)؛ والترمذي في: جامعه، كتاب: الحدود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء من شرب الخمر فاجلدوه ومن عاد في الرابعة فاقتلوه (ص/ ٣٤٢)، برقم (١٤٤٤)، وقال: "وفي الباب عن أبي هريرة، والشَّريد، وشرحبيل بن أوس، وجرير، وأبي الرمداء البلوي، وعبد الله بن عمرو"، ثم بيّن أنَّ العملَ على عدم قتل الشارب في المرة الرابعة عند عامة أهل العلم، لا يعلم بينهم اختلافًا في ذلك في القديم والحديث. والنسائي في: السنن الكبرى، كتاب: الحد في الخمر، باب: الحكم فيمن يتتابع في شرب الخمر (٥/ ١٤١)، برقم (٥٢٧٨ - ٥٢٧٩)؛ وابن ماجه في: سننه، كتاب: الحدود، باب: من شرب الخمر مرارًا (ص/ ٤٣٨)، برقم (٢٥٧٣)؛ وعبد الرزاق في: المصنف، باب: حد الخمر (٧/ ٣٨٠)، برقم (١٣٥٥٠)، وفي: كتاب: الأشربة، باب: من حُدَّ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (٩/ ٢٤٧)، برقم (١٧٠٨٧)؛ وأحمد في: المسند (٢٨/ ٦٠)، برقم (١٦٨٤٧)؛ وأبو يعلى في: المسند (١٣/ ٣٤٩)، برقم (٧٣٦٣)؛ والطحاوي في: شرح معاني الآثار، كتاب: الحدود، باب: من سكر أربع مرات ما حده؟ (٣/ ١٥٩)؛ وابن حبان في: صحيحه، كتاب: الحدود، باب: حد الشرب (١٠/ ٢٩٥)، برقم (٤٤٤٦)؛ والطبراني في: المعجم الكبير (١٩/ ٣٦٠)، برقم (٨٤٣ - ٨٤٦)؛ والحاكم في: المستدرك، كتاب: الحدود (٤/ ٤٥٧)، برقم (٨١١٧)، وسكت عنه الحاكم، وصححه الذهبي؛ والبيهقي في: السنن الكبرى، كتاب: الأشربة والحد فيها، باب: من أقيم عليه الحد أربع مرات، ثم عاد له (٨/ ٣١٣). =

الصفحة 1111