كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

يقولُ تقيُّ الدّينِ بنُ تيمية: "مَنْ تَرَكَ الحديثَ؛ لاعتقادِه أنَّه لم يصحَّ، أو أنَّ راويه مجهولٌ - ونحو ذلك - ويكون غيرُه قد عَلِمَ صحتَه وثقةَ راويه: فقد زَالَ عذرُ ذلك في حقِّ هذا" (¬١).
الدليل الخامس: إذا جوّزَ المانعون مِن العملِ بالحديثِ النبوي المخالفِ لقولِ إمامِهم مخالفةَ نصِّ إمامِهم في مسألةٍ؛ لنصٍّ له آخر نُقِلَ عنه في المسألةِ نفسِها عَسُرَ عليهم التفريقُ بينهما: فمِنْ بابٍ أولى أنْ يخالفوا نصَّه؛ لمخالفتِه حديثَ النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬٢).
الدليل السادس: إذا جوّزتم لإمامِ مذهبِكم أنْ يخالفَ غيرَه مِن المجتهدين؛ لدليلٍ ظَفَرَ به، فيلزمكم أنْ تجوّزوا مخالفةَ قولِ إمامِكم إذا ظَهَرَ لكم رجحانُ قولِ غيرِه مِن الأئمةِ؛ لموافقتِهم الدليل (¬٣).
مناقشة الدليل السادس: لا يلزمُ مِنْ تجويزِ مخالفةِ إمامِ المذهب لغيرِه مِن المجتهدين؛ لدليلٍ ظَفَرَ به، أنْ نخالفَه إذا اطّلعنا على دليلٍ على خلافِ قولِه؛ لأنَّه مجتهدٌ كاملُ الآلةِ، ونحن نَظَرُنَا قاصرٌ، فحَصَلَ الفرقُ بين الحالتين (¬٤).
الجواب عن المناقشة: إذا عملتم بالقولِ الذي دلَّ عليه الدليلُ مِنْ كتابٍ أو سنةٍ، وقد عَمِلَ به إمامٌ مِنْ أئمةِ المذاهب المتبوعةِ، فقد وافقتم اجتهادَ عالمٍ كاملِ الآلة، فيتحقق لكم اتّباعُ الدليلِ، وموافقةُ عالمٍ (¬٥).
الدليل السابع: إذا وَجَدَ المتمذهبُ دليلًا نقليًا مِنْ كتابٍ أو سنةٍ يدلُّ على خلافِ قولِ إمامِه، فيتعيَّن عليه الأخذُ بالدليلِ؛ لأنَّ موافقةَ المتمذهبِ لإمامٍ تقاوم إمامَ مذهبِه، وتبقى النصوصُ الشرعيةُ سالمةً في حقِّه عن
---------------
(¬١) المصدر السابق (٢٠/ ٢١٤).
(¬٢) انظر: خطبة الكتاب المؤمل لأبي شامة (ص/ ١٣٢).
(¬٣) انظر: المصدر السابق (ص/ ١٤٤).
(¬٤) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٠/ ٢١٣).
(¬٥) انظر: المصدر السابق.

الصفحة 1116