كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

المعارضِ إذا عملَ بها (¬١).
الدليل الثامن: يلزمُ مِنْ الأخذِ بقولِ إمامِ المذهبِ، وتركِ الدليلِ النقلي الإعراضُ عن الكتابِ والسنةِ، وتركُ أَمْرِ الله تعالى وأَمْرِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، ويكون إمامُ المذهب كالنبي لأتباعِه، وفي هذا مشابهةٌ لما عابَ الله تعالى به النصارى في قولَه تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (¬٢).
الدليل التاسع: إذا خالفَ قولُ إمامِ المذهب دليلًا مِن الكتابِ أو السنةِ، فالمقدَّمُ هو الدليل؛ لأنَّ الأدلةَ هي الحجةُ التي يجبُ الأخذُ بها، بخلافِ رأي إمامِ المذهبِ، فليسَ بحجّةٍ شرعيةٍ (¬٣).
الدليل العاشر: إذا قررتُم أيَّها المانعون مِن العملِ بالحديثِ العذرَ للمتمذهبِ حينَ يتركُ الحديثَ النبويَّ؛ لقولِ إمام مذهبِه، فأولى بالعذرِ مَنْ تَرَكَ قولَ إمامِ مذهبِه؛ لمخالفتِه للحديثِ النبوي (¬٤).
الدليل الحادي عشر: إذا ساغَ للمتمذهبِ الأخذُ بقولِ إمامِه الذي رَجَعَ عنه - كما هو موجودٌ لدى كثيرٍ مِن المتمذهبين (¬٥) فما المانعُ مِنْ أخذِ المتمذهبِ بقولِ غيرِ إمامِه، إنْ ظَهَرَتْ له موافقتُه للدليلِ؟ ! (¬٦).
مناقشة الدليل الحادي عشر: هناك فرقٌ بين الحالتين - الحالة الأولى: أخذُ قولِ الإمامِ المرجوعِ عنه، والحالة الثانية: أخذُ قولِ غيرِه مِن الأئمةِ - من جهةْ أنَّ المتمذهبَ في الحالةِ الأُوْلى قد أَخَذ بقولٍ كان مذهبًا
---------------
(¬١) انظر: المصدر السابق (٢٠/ ٢١٢ - ٢١٣).
(¬٢) من الآية (٣١) من سورة (التوبة). وانظر الدليل في: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٠/ ٢١٦).
(¬٣) انظر: المصدر السابق (٢٠/ ٢٥٠).
(¬٤) انظر: مدارج السالكين (٢/ ٣٨٥).
(¬٥) انظر: إعلام الموقعين (٦/ ١٦٨)، فقد ذكر طرفًا من المسائل التي أخذ المتمذهبون فيها بقول إمامهم الذي رجع عنه.
(¬٦) انظر: المصدر السابق.

الصفحة 1117