كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

مَنْ نُقلَ إليه الحديثُ؛ وذلك لتطرّقِ احتمالِ غلطِ الراوي وخطئِه إلى الحالةِ الثانيةِ، دونَ الأُولى.
الدليل الرابع عشر: إذا خالفَ إمامُ المذهبِ الحديثَ النبوي، فإنَّنا نأخذُ بالحديثِ النبوي؛ لأنَّ ما دلَّ عليه الحديثُ هو مذهبُ إمامنا في هذه الحالةِ، فلم نخرجْ عن التزامِ مذهبِه (¬١).
أدلةُ أصحابِ القولِ الثاني: استدلَّ أصحابُ القولِ الثاني بأدلةٍ، منها:
الدليل الأول: إذا اختلفَ العلماءُ في مسألةٍ ما على قولين، وكان قولُ إمامِنا مخالفًا للدليلِ الذي مع القولِ الآخر - سواءٌ أكان آيةً أم حديثًا - فإنَّنا نأخذُ بقولِ إمامِنا مع مخالفتِه للدليلِ؛ لأنَّنا مأمورون بتوقيرِ العلماءِ، ونعلم أنَّ العالمَ لو تعمَّدَ مخالفةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، لكانَ مرتكبًا لكبيرةٍ مِن الكبائرِ، وفي براءتِه مِن ارتكابِ الكبيرةِ ما يُوجبُ أنَّه كان عنده علمٌ يُوجبُ له ترك الحديثِ، ورفع حكمِ الآيةِ، لم يكنْ عند العالمِ الذي قالَ بموافقةِ الدليلِ، وبهذا نكون قد قمنا بتوقيرِ كلا العالمين (¬٢).
مناقشة الدليل الأول: نوقش الدليل من أربعة أوجه:
الوجه الأول: يلزمُ مِنْ دليلِكم لازمٌ باطلٌ لا يقولُ به أحدٌ؛ إذ يلزمُ منه أنْ يأخذَ المتمذهبُ بالأقوالِ التي خالفَ أصحابُها الدليلَ؛ ليوقرَ كلا العالمين، فيقول بمنعِ الجنبِ مِن التيممِ في السفرِ؛ تقليدًا لعمرَ بنِ الخطابِ - رضي الله عنه - (¬٣)، وبسقوطِ الكفارةِ عن الواطئِ زوجته في نهارِ رمضان؛
---------------
(¬١) انظر: الوصول إلى الأصول لابن برهان (٢/ ٣٥٨)، والبحر المحيط (٦/ ٢٩٣)، وظاهر ما ذكره الزركشيُّ أنَّ إلكيا الهراسي وابن برهان قد استدلا بهذا الدليل.
(¬٢) انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٦/ ١٠٤).
(¬٣) جاء عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما يدل على منع الجنب من التيمم في السفر؛ إذ جاءه رجلٌ، فقال: إني أجنبت، فلم أجد الماء؟ =

الصفحة 1119