كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

فليس للمتمذهب الأخذُ بالحديثِ؛ لأنَّ تركَ الأئمة وعلماء السلف له قادحٌ في ثبوتِه، أو دالٌّ على نسخِه.
ثالثًا: يحسنُ التنبيه على الأمور الآتية:
الأمر الأول: لا بُدَّ مِنْ ثبوتِ الحديثِ وصحتِه، والاهتمام بهذا؛ إذ تُعَدّ صحةُ الحديثِ اللبنة الأُولى للعملِ به، وبناءً عليه، لا بُدَّ من التريثِ والانتباهِ لتصحيحاتِ مَنْ عُرِفَ بالتساهلِ في تصحيحِ الأحاديثِ.
الأمر الثاني: يتعيّنُ الانتباه إلى أنَّ هناك بعضَ الأحاديثِ التي ظاهرُ إسنادِها الصحة، ولكنْ أعلَّها متقدمو المحدثين، ثمَّ صححها بعضُ مَنْ جاءَ بعدهم؛ لظاهرِ السندِ، ففي هذه الحالة تُقدّمُ أحكام متقدمي المحدثين على متأخريهم؛ إذ لا تمكن التسوية بين حكمِ البخاري أو مسلمٍ أو الإمام أحمد على حديثٍ، وحكم مَنْ جاءَ بعدهم بقرون ولا سيما ممَّنْ عُرِفَ بالتساهلِ في التصحيحِ.
الأمر الثالث: ضرورةُ الانتباه إلى درجةِ الزيادةِ التي تجيءُ في بعضِ الأحاديثِ، ولا سيما الزيادة التي يترتب عليها ترجيحٌ بين قولين؛ فليستْ كلُّ الزياداتِ مقبولةً، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: هناك من المحدثين من يتساهلُ في قبولِ زيادةِ الثقةِ، وهذا يدعو إلى ضرورةِ التثبت في قبولِ تصحيحه لها.
الأمر الرابع: التثبت في الأحاديثِ الخارجةِ عن دواوينِ السنةِ المعروفةِ؛ لكثرةِ الأحاديثِ الغريبةِ والمعلَّةِ فيها، يقولُ أبو شامةَ المقدسي: "متى رأيتَ حديثًا خارجًا عن دواوين الإسلامِ - كالموطأ ومسندِ أحمدَ والصحيحين وسننِ أبي داود والترمذي والنسائي ونحوها ... - فانظرْ فيه: فإنْ كانَ له نظيرٌ في الصحاحِ أو الحسانِ، قَرُبَ أمرُه.
وإنْ رأيتَه يُباين الأصولَ وارتبتَ فيه، فتأمّلْ رجالَ إسنادِه، واعتبرْ

الصفحة 1130