كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 3)

كما سيأتي التمثيل له بعدَ قليلٍ (¬١) - فهلْ يُعكرُ ما جاءَ عن الإمامِ الشافعي على الإجماعِ المحكي؟ وهلْ يمكن أنْ يكونَ قصدُ الإمامِ الشافعي أنَّ له في المسألةِ قولينِ مختلفينِ؟
الظاهرُ لي أنَّ الإمامَ الشافعي لا يقصدُ بذلك أنَّ له في المسألةِ قولين مختلفينِ، وبناءً عليه تصفو حكايةُ الإجماعِ التي أشرتُ إليها آنفًا؛ ويدلُّ على هذا الأمورُ الآتيةُ:
الأمر الأول: تواردُ كلمةِ الأصوليين على المنعِ مِنْ قولِ المجتهدِ بقولين مختلفين في مسألةٍ واحدةٍ في وقتٍ واحدٍ (¬٢).
الأمر الثاني: أنَّ قولَ إمامِ المذهبِ بقولين مختلفين في وقتٍ واحدٍ ممتنعٌ عقلًا؛ لأنَّه تناقض (¬٣)، فكيفَ يعتقدُ الشيءَ حلالًا حرامًا؟ ! (¬٤)، ويستحيل أنْ يكونَ القولان مرادين للقائلِ (¬٥).
يقولُ الآمديُّ: "أنْ يكون ذلك - أيْ: ما نقل عن الإمام الشافعي مِنْ
---------------
(¬١) يقول أبو المظفر السمعاني في: قواطع الأدلة (٥/ ٦٢) عن قول الإمام الشافعي بقولين مختلفين: "فأما قول العالم الواحد فيه - أي: في الضرب الذي يسوغ فيه الخلاف - بقولين مختلفين، فلم يُعْلَمْ قبل الشافعي - رحمه الله تعالى - من قال بذلك تصريحًا، وهو رحمه الله قد ابتكر هذه العبارة، وذكرها في كتبه".
(¬٢) انظر على سبيل المثال: شرح العمد (٢/ ٣١٩)، والمعتمد (٢/ ٨٦٠)، ومسائل الخلاف للصيمري (ص/ ٤٩٦)، والعدة (٥/ ١٦١٠)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٥٧)، روضة الناظر (٣/ ١٠٠٤)، وشرح تنقيح الفصول (ص/ ٤١٩)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٦٢١)، والتقرير والتحبير (٣/ ٣٣٣)، وتيسير التحير (٤/ ٢٣٤)، وفواتح الرحموت (٢/ ٣٩٤).
(¬٣) انظر: تيسير التحبير (٤/ ٢٣٤)، وفواتح الرحموت (٢/ ٣٩٤).
(¬٤) انظر: التلخيص في أصول الفقه للجويني (٣/ ٤١١)، وقواطع الأدلة (٥/ ٦٤)، ورفع الحاجب (٤/ ٥٦٠)، ونهاية السول (٤/ ٤٣٩)، والبحر المحيط (٦/ ١١٩)، والتقرير والتحبير (٣/ ٣٣٣).
(¬٥) انظر: التقرير والتحبير (٣/ ٣٣٤)، والتحبير (٨/ ٣٩٥٥)، ورفع النقاب للشوشاوي (٥/ ٤٨٢ - ٤٨١)، وشرح الكوكب المنير (٤/ ٤٩٢).

الصفحة 1138