كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 3)
ليس للشافعي قولٌ - ولا نتحاشى منه، وإنَّما وَجْه الإضافةِ إلى الشافعي ذِكْرُه لهما، واستقصاؤه وجوهَ الأشباه فيهما" (¬١).
ومنهم مَنْ علَّلَ إضافةَ القولين إليه بأنَّ المسألةَ تحتملُ قولين عنده (¬٢).
الجواب الرابع: أنْ يكونَ مقصدُ الإمامِ الشافعي بذكرِ القولينِ حكايتَهما عن غيرِه مِن المجتهدين (¬٣)، ولا تُوجبُ الحكايةُ أنْ يكونا قولين له؛ لأنَّ الحاكي مخبرٌ عن معتقدِ غيرِه، كحالِ مَنْ حكى الكفرَ لا يصيرُ كافرًا (¬٤).
وضعَّفَ الجوابَ الرابعَ بعضُ الأصوليين، كأبي الحسين البصري (¬٥)، وإمامِ الحرمين الجويني (¬٦)؛ لأنَّ الإمامَ الشافعي أضافَ القولين إلى اجتهادِه، ولا تسوغُ معه حكايةُ القولين (¬٧).
ومِنْ جهةٍ أخرى: فقد يجعلُ الإمامُ الشافعي المسألةَ على قولين في صورةٍ لا يُؤْثَر فيها عن العلماءِ قبله قولٌ على التنصيصِ (¬٨).
ويظهرُ لي أنَّ أقربَ هذه الأجوبة هو الجواب الثالث، مع كونِ بعضِها متجهةٌ أيضًا، وقد يكون لكلِّ مسألةٍ أجابَ فيها الإمامُ الشافعيَّ جوابُها الذي يناسبُها، وذلك بالنظرِ إلى القرائنِ والسياقِ.
---------------
(¬١) التلخيص في أصول الفقه (٣/ ٤٢١).
(¬٢) انظر: البحر المحيط (٦/ ١٢٣).
(¬٣) انظر: نصرة القولين لابن القاص (ص/ ١٠٩)، والعدة (٥/ ١٦١١)، والتلخيص في أصول الفقه للجويني (٣/ ٤١٦)، وقواطع الأدلة (٥/ ٧٧)، وحقيقة القولين للغزالي، منشور في: مجلة الجمعية الفقهية السعودية، العدد: الثالث (ص/ ٢٨٢)، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ٢٠١)، ومختصر منتهى السول لابن الحاجب (٢/ ١٢٢٨)، والحاصل من المحصول (٢/ ٩٦٦)، والتحصيل من المحصول (٢/ ٢٥٦)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٦٣٥)، ونهاية السول (٤/ ٤٣٩)، وتحفة المسؤول للرهوني (٤/ ٢٧١)، وفرائد الفوائد للسلمي (ص/ ٧٦)، والتقرير والتحبير (٣/ ٣٣٤).
(¬٤) انظر: قواطع الأدلة (٥/ ٧٧ - ٧٨).
(¬٥) انظر: شرح العمد (٢/ ٣٢١).
(¬٦) انظر: التلخيص في أصول الفقه (٣/ ٤١٦).
(¬٧) انظر: المصدر السابق.
(¬٨) انظر: شرح العمد (٢/ ٣٢١)، والتلخيص في أصول الفقه للجويني (٣/ ٤١٦).
الصفحة 1149