كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 3)

لا أدري: [إنْ] (¬١) تأمَّل المتأمّل مذهبَه، وبَحَثَ عن مسطورِه، وَصَلَ إلى ما قاله في ذلك، وما ذكره من البيانِ فيها" (¬٢).
فإذا لم يجدْ المتمذهبُ لإمامِه في المسألة التي توقّفَ فيها قولًا محدّدًا، فما الذي يفعله في هذه الحالةِ؟
لا يبعدُ القولُ: إنَّ للمتمذهب أنْ يتوقفَ في المسألةِ التي توقّفَ فيها إمامُه، إنْ قلنا: إنَّ التوقفَ قولٌ، لكنْ نصَّ علماءُ الحنابلةِ - على وجهِ الخصوصِ - على عَمَلِ المتمذهبِ عندما يتوقف إمامُه، وتحصَّل لدي مِنْ كلامِهم أنَّهم اختلفوا في عملِه في هذه الحالةِ على ثلاثةِ أقوال:
القول الأول: على المتمذهبِ النظرُ في المسألةِ، وطلب الصواب فيها، وِفْقًا لأصولِ مذهبِ إمامِه وقواعدِه.
وهذا ما ذَهَبَ إليه الحسنُ بنُ حامدٍ؛ إذ يقولُ: "على مَنْ أرادَ الجوابَ اتّباعُ الاجتهادِ لنفسِه، والاعتبارُ بما يوجبُه دليلُ الحادثةِ على أصلِه" (¬٣).
القول الثاني: للمتمذهب إلحاقُ المسألةِ بما يشبهها من المسائلِ التي حُكمها أرجح.
وهذا قولُ ابنِ حمدان (¬٤)، وابنِ مفلحٍ (¬٥)، والمرداوي (¬٦).
وقد اختلفَ أربابُ القولِ الثاني فيما لو أَشْبَهَت المسألةُ مسالتين مختلفتين في الحُكمِ، فَبِمَ يلحقها؟ على ثلاثةِ آراء (¬٧):
---------------
(¬١) أضاف محقق تهذيب الأجوبة هذه اللفظة.
(¬٢) تهذيب الأجوبة (٢/ ٧١٧). وقد ساق الحسن بن حامد في: المصدر السابق (٢/ ٧٠٨ - ٧١٨) طَرَفًا من المسائل التي توقف فيها الإمام أحمد، ثم جاء عنه البتُّ فيها بقولٍ.
(¬٣) تهذيب الأجوبة (١/ ٥٧٥).
(¬٤) انظر: صفة الفتوى (ص/ ١٠٢).
(¬٥) انظر: الفروع (١/ ٥٠).
(¬٦) انظر: الإنصاف (١٢/ ٢٤٦)، وتصحيح الفروع (١/ ٥٠ - ٥١).
(¬٧) أول من ذكر هذه الآراء على أنها أوجه في مذهب الحنابلة هو ابن حمدان في: صفة الفتوى (ص/ ١٠٢)، كما بيَّن هذا تقيُّ الدين بن تيمية في: المسودة (٢/ ٩٤٠).

الصفحة 1202