المبحث الأول: أسباب ظهور الآثار السلبية
لقد جَعَلَ اللهُ لكلِّ شيءٍ سببًا، وقد كانَ لظهورِ الآثارِ السلبيةِ للتمذهبِ أسبابٌ سائقةٌ لها، ولعل مِن المهمِّ بيانَ أنَّ بعضَ الآثار - التي تقدّمَ بيانُها - ناشئةٌ عن أثرٍ سلبي، فيمكن القول: إنَّ التعصبَ المذهبي - وهو مِنْ أسوأِ الآثارِ، إنْ لم يكنْ أسوأها - نَشَأَ عنه عددٌ من الآثارِ السلبيةِ.
وسأحاولُ في هذا المقامِ بيان أهمِّ أسبابِ ظهورِ الآثارِ السلبيةِ السابقةِ.
وقبل ذكر الأسباب أنبه إلى أمرين:
الأمر الأول: قد تكون بعضُ الأسباب التي أذكرها سببًا لأثرٍ واحدٍ أو أثرين، فلا أتقيَّد بكونِ السببِ سببًا لجميعِ الآثارِ السلبيةِ السابقةِ.
الأمر الثاني: ألفتُ النظرَ إلى أن وقوعَ بعضِ المتمذهبين في شيءٍ مِن الآثارِ السلبيةِ ناشئٌ عن الخطأِ في تطبيقِ التمذهب ونابع منه، إذ لا يعني التمذهبُ الجمودَ ولا تركَ الأدلةِ، ولا التعصب (¬١).
وبتأمّلِ الآثارِ السلبيةِ السابقةِ، وما جاءَ مِنْ كلامِ أهلِ العلمِ والباحثين في هذا المقامِ، فقد ظَهَرَ لي أنَّ لها أسبابًا متعددة، وإليك بيانُها:
السبب الأول: الغُلوّ في تعظيمِ أئمةِ المذاهب (¬٢).
لقد كانَ وقوعُ بعضِ أفرادِ الأمةِ الإسلاميةِ في الغلوِّ داءً متعددَ الألوانِ
---------------
(¬١) قارن بمعالم تجديد المنهج الفقهي لحليمة بوكروشة (ص/ ١٢٨).
(¬٢) انظر: تاريخ التشريع للدكتور عبد الله الطريقي (ص/ ٣٠٦)، وبدعة التعصب المذهبي لمحمد =