كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 3)

ويدلُّ على هذا السبب: ما ذكره أبو الفرجِ بنُ الجوزي في مقدمة كتابِه: (التحقيق في أحاديث التعليق) (¬١) عن سبب إعراضِ بعضِ فقهاءِ عصرِه عن طلبِ الأدلةِ الصحيحةِ، ووجودِ الأدلةِ الضعيفة في مدوّناتهم، فقالَ: "قومٌ غَلَبَ عليهم الكسلُ، ورأوا في البحثِ تَعَبًا وكلفةً، فتعجلوا الراحةَ، واقتنعوا بما سطّره غيرُهم".
وقد يُعبَّرُ عن هذا السبب بـ: ضعفِ الهمةِ وقصورِها (¬٢)؛ إذ ضعفُ الهمةِ مؤذنٌ بالكسلِ العلمي في طلبِ تحقيقِ المسائلِ، وصحةِ الأقوالِ، والاكتفاء بالمذهبِ فحسب (¬٣).
وقد ساعدَ على ضعفِ الهمةِ عند بعضِ المتمذهبين تدوينُ المذاهبِ الفقهيةِ، فإذا عرضتْ حادثةٌ طلبوا حكمَها في مدوّناتِ المذهبِ، التي يغلبُ على عددٍ منها عدمُ الاعتناءِ بذكرِ أدلةِ المسائلِ (¬٤).
---------------
(¬١) (١/ ٢).
(¬٢) انظر: خطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول لأبي شامة (ص/ ٩٩ - ١٠٠)، والفكر السامي لمحمد الحجوي (٤/ ١٦٣)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (١/ ٢٠٣)، والاجتهاد ومقتضيات العصر لمحمد الأيوبي (ص/ ١٥٢)، وبلوغ الأماني للدكتور الحسن العلمي (ص/ ١٦٣).
(¬٣) انظر: خطبة الكتاب المؤمل في الرد إلى الأمر الأول لأبي شامة (ص/ ٩٣، ١٢٧)، وصفة الفتوى لابن حمدان (ص/ ١٧)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (١/ ٢٠٣).
(¬٤) انظر: الفكر السامي لمحمد الحجوي (٤/ ١٦٣)، وتاريخ الجدل لمحمد أبو زهرة (ص/ ٢٩٧)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (١/ ٢٠٥)، والمدخل في الفقه الإسلامي للدكتور محمد شلبي (ص/ ١٣٦)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور بدران أبو العينين (ص/ ٩٦)، والاجتهاد والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ ١٨٢)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ ١٨٨)، وتاريخ الفقه للدكتور أحمد الحصري (ص/ ٢٢٩ - ٢٣٠)، وتأريخ التشريع للدكتور عبد الله الطريقي (ص/ ٣٨٥)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور عبد الودود السريتي (ص/ ١٢٠)، وبلوغ الأماني للدكتور الحسن العلمي (ص/ ١٦٧)، ومدخل لدراسة الفقه للدكتور حسين حسان (ص/ ١١٤)، والمدخل لدراسة الشريعة الإسلامية لعبد اللطيف خالقي (ص/ ٤١٢).

الصفحة 1456