مِنْ شروطِ الاجتهادِ البدهيةِ: العقلُ، والمرادُ باشتراطِه في المجتهدِ أنْ يكونَ سليمَ الإدراكِ، خاليًا عمَّا يُعْتَبرُ عيبًا فيه؛ كالجنونِ والعتهِ والسفهِ (¬١)، فلا يَتَأتَّى الاجتهادُ مِنْ غيرِ العاقلِ.
ولا يُكتفى بالعقلِ الذي يتعلقُ به التكليفُ، بلْ لا بُدَّ مِنْ أنْ يكونَ صحيحَ التمييزِ، جيدَ الفطنة، بعيدًا عن السهوِ (¬٢).
ويدلُّ على اشتراطِ العقلِ في المجتهدِ أدلةٌ، منها:
الدليل الأول: إجماعُ العلماءِ على أنَّ الجنونَ مانعٌ مِن الاجتهادِ (¬٣).
الدليل الثاني: أنَّ غيرَ العاقلِ لا يُدْرِكُ علمًا ولا فقهًا، ولا غيره (¬٤)، ولا تمييزَ له يهتدي به لما يقولُه حتى يصحَّ نظرُه (¬٥).
الشرط الثاني: البلوغ.
لا بُدَّ أنْ يكونَ المجتهدُ بالغًا.
ودليلُ اشتراطِ البلوغِ: أنَّ الصبيَّ غيرُ مكتملِ العقلِ؛ فلا يصحَّ نظرُه (¬٦).
وقد ذَهَبَ بعضُ الأصوليين إلى تصوّرِ الاجتهادِ مِن الصبي. يقولُ إمامُ الحرمين الجويني: "إنَّ الصبيَّ، وإنْ بَلَغَ رتبةَ الاجتهادِ، وتيسَّر عليه دَركُ الأحكام، فلا ثقةَ بنظرِه وطلبِه، فالبالغُ هو الذي يُعْتَمدُ قولُه" (¬٧).
---------------
(¬١) انظر: الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه للدكتور سيد الأفغاني (ص/ ١٦٣).
(¬٢) انظر: لمع اللوامع لابن رسلان، القسم الثاني (٢/ ٥٨٨ - ٥٨٩).
(¬٣) انظر: المصدر السابق (٢/ ٥٨٨)، والمفتي في الشريعة الإسلامية للدكتور عبد العزيز الربيعة (ص/ ٢٠).
(¬٤) انظر: البحر المحيط (٦/ ١٩٩)، والتحبير (٨/ ٣٨٧٠).
(¬٥) انظر: حاشية البناني على شرح جمع الجوامع (٢/ ٣٨٢).
(¬٦) انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٨٢) بحاشية البناني.
(¬٧) البرهان (٢/ ٨٦٩).