كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 1)
والنسائي وغيرِهما مِن الكتبِ المعتمدةِ، فكثرتُه وشهرتُه غَنِيّةٌ عن التصريحِ بها" (¬١).
الوجه الثاني: أنَّ في (السننِ) لأبي داودَ مِن الأحاديثِ ما لا يحتجُّ به في الأحكامِ الشرعيةِ؛ لضعفِه (¬٢).
الشرط الثالث: معرفة الناسخِ والمنسوخِ.
ممَّا يتصلُ بالشرطينِ السابقينِ: معرفةُ الناسخِ والمنسوخِ مِن الكتابِ الكريمِ، والسنةِ النبويةِ في نصوصِ الأحكامِ (¬٣).
والمرادُ بهذا الشرطِ: أنْ يعرفَ المجتهدُ أنَّ هذا الحكمَ بعينِه ناسخٌ، وهذا الحكمَ بعينِه منسوخٌ، لا معرفةَ حقيقةِ النسخِ وأحكامِه؛ لأن ذلك مِنْ علمِ أصولِ الفقهِ (¬٤)، وسيأتي اشتراطُه بعد قليلٍ.
ولا يشترطُ أنْ يحفظَ المجتهدُ الآياتِ والأحاديثَ المنسوخةَ، بل المشروطُ: أنْ يعلمَ المجتهدُ متى ما استنبطَ حُكمًا مِنْ كتابِ الله أو سنةِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، أن الآيةَ والحديثَ ليسا مِنْ جُملةِ المنسوخِ (¬٥).
والإحاطةُ بالآياتِ والأحاديثِ المنسوخةِ يسيرةٌ (¬٦).
وشرطُ معرفةِ الناسخِ والمنسوخِ يعمُّ الكتابَ الكريمَ، والسنةَ النبويةَ.
لكنْ قَصَرَ الفخرُ الرازي الشرطَ الثالثَ على القرآنِ الكريمِ، فقال: "فأمَّا العِلْمَانِ المتممانِ، فأحدهما: يتعلقُ بالكتابِ، وهو عِلمُ الناسخِ والمنسوخِ" (¬٧).
---------------
(¬١) روضة الطالبين (١١/ ٩٥).
(¬٢) انظر: البحر المحيط (٦/ ٢٠١).
(¬٣) انظر: المنخول (ص/ ٤٦٤)، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ١٦٣)، وشرح الكوكب الساطع للسيوطي (٤/ ١٢٢).
(¬٤) انظر: نثر الورود للشنقيطي (٢/ ٦٤٤).
(¬٥) انظر: المستصفى (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧)، وروضة الناظر (٣/ ٩٦١)، ونفائس الأصول (٩/ ٤٠٢٣).
(¬٦) انظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٥٨٠).
(¬٧) المحصول في علم أصول الفقه (٦/ ٢٤).
الصفحة 189