كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 1)

وما ذكرُه متعقّبٌ؛ فليسَ النسخُ مختصًا بالكتابِ الكريمِ، بلْ يقع في الكتابِ، وفي السنةِ النبويةِ، أيضًا (¬١).
دليلُ اشتراطِ معرفةِ الناسخِ والمنسوخِ: أنَّ الحُكمَ المنسوخَ بَطَلَ العملُ به بنسخِه، وصارَ العملُ بالناسخ، وقد تُفْضِي عدمُ معرفةِ المجتهدِ بالناسخِ من المنسوخِ إلى العملِ بالحُكمِ المنسوخِ، وتركِ الناسخِ (¬٢).
الشرط الرابع: معرفةُ سببِ نزولِ الآيةِ، وسببِ ورودِ الحديثِ.
مِن الشروطِ المعتبرةِ في المجتهدِ: معرفةُ سببِ نزولِ الآيةِ، وسببِ ورودِ الحديثِ (¬٣).
إذا نَظَرَ المجتهدُ في آيةٍ مِنْ آياتِ الأحكامِ، لزمه العلمُ بسببِ نزولها، إنْ كانَ لها سببُ نزولٍ (¬٤)؛ لما في معرفةِ سببِ النزولِ مِنْ أثرٍ في معرفةِ المرادِ بالآيةِ، وما يتعلق بها مِنْ تخصيصٍ أو تعميمٍ (¬٥).
ويؤكِّدُ أبو إسحاقَ الشاطبي على أهميةِ معرفةِ أسبابِ النزولِ لمَنْ أرادَ فهمَ القرآنِ على الوجهِ الصحيحِ، فيقول: "الجهلُ بأسبابِ التنزيلِ مُوقعٌ في الشبهِ والإشكالاتِ، ومُوْرِدٌ للنصوص الظاهرةِ مَوْرِد الإجمالِ حتى يقعَ الاختلافُ، وذلك مظنّة وقوعِ النزاعِ" (¬٦).
وإذا نَظَرَ المجتهدُ في حديثٍ مِنْ أحاديثِ الأحكام، لزمه معرفةُ سببِ ورودِه، إنْ كانَ له سببُ ورودٍ (¬٧)؛ للعلةِ ذاتِها المذكورةِ في معرفةِ سببِ نزولِ الآيةِ.
---------------
(¬١) انظر: نفائس الأصول (٩/ ٤٠١٧)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٨٢٩).
(¬٢) انظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٥٨٠)، والإبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٩٠٠)، والبحر المحيط (٦/ ٢٠٣)، ونهاية السول (٤/ ٥٥٣).
(¬٣) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ١٦٣)، وشرح الكوكب الساطع للسيوطي (٤/ ١٢٢).
(¬٤) انظر: نهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٨٣٠).
(¬٥) انظر: تشنيف المسامع (٤/ ٥٧١)، والتحبير (٨/ ٣٨٧٥).
(¬٦) الموافقات (٤/ ١٤٦).
(¬٧) انظر: التحبير (٨/ ٣٨٧٥).

الصفحة 190