كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 1)
يقولُ إمامُ الحرمين الجويني: "علمُ الأصولِ أصلُ الباب؛ حتى لا يُقدّم مؤخرًا، ولا يُؤَخّر مقدَّمًا، ويستبين مراتبَ الأدلةِ والحُججِ" (¬١).
بلْ إنَّ الفخرَ الرازيَّ عدَّ هذا الشرطَ أهمّ العلومِ للمجتهدِ (¬٢).
ويقول صفيُّ الدِّينِ الهندي: "اعلمْ أنَّ الإنسانَ كلَّما كانَ أكمل في معرفةِ أصولِ الفقهِ كانَ منصبُه أتمَّ وأعلى في الاجتهادِ" (¬٣).
ويشملُ علمُ أصولِ الفقهِ على الآتي:
أولًا: الحكمُ الشرعي، وأقسامُه.
ثانيًا: الأدلةُ، وما يندرج تحتَ كلِّ دليلٍ مِنْ مسائل.
ثالثًا: الدلالاتُ، وأقسامُها، وما يندرجُ تحتَ كلِّ قسمٍ مِنْ مسائل.
رابعًا: الاجتهادُ والتقليدُ.
خامسًا: مراتبُ الأدلةِ، وطُرُقُ الجمعِ بينها، ودفعُ التعارضِ عنها، وأوجهُ الترجيحات (¬٤).
وكان مِنْ منهجِ بعضِ الأصوليين أنَّهم يذكرون بعضَ ما تقدمَ على أنَّه شرطٌ مستقلٌّ، فيذكرون مثلًا: القياسَ، وما يتعيّنُ على المجتهدِ معرفتُه فيه (¬٥)، أو التعارضَ والترجيحَ، وأهمية معرفة المجتهد له (¬٦)، أو الإجماعَ،
---------------
(¬١) البوهان (٢/ ٨٧٠).
(¬٢) انظر: المحصول في علم أصول الفقه (٦/ ٢٥)، ونقل كلامَ الرازي برهانُ الدين الأبناسي في: الفوائد شرح الزوائد (٢/ ١٢٣٥).
(¬٣) نهاية الوصول (٨/ ٣٨٣١). وانظر: تشنيف المسامع (٤/ ٥٦٩)، وشرح الكوكب الساطع للسيوطي (٤/ ١١٨).
(¬٤) انظر: الإشارة في معرفة الأصول للباجي (ص/ ٣٢٧ - ٣٢٨)، وإحكام الفصول (ص/ ٧٢٢)، وشرح اللمع (٢/ ١٠٣٤ - ١٠٣٥)، وقواطع الأدلة (٥/ ٩)، والواضح في أصول الفقه (٥/ ٤٥٨ - ٤٥٧)، ورفع النقاب للشوشاوي (٦/ ١١٠).
(¬٥) انظر: الإبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٨٩٩)، والبحر المحيط (٦/ ٢٠١).
(¬٦) انظر: شرح اللمع (٢/ ١٠٣٥)، والواضح في أصول الفقه (٥/ ٤٥٨).
الصفحة 193