كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 1)

وجَعَلَ شمسُ الدين البعليُّ مِنْ أحكامِ الوجهِ، أنَّه مجزومٌ بالفتيا به (¬١).
ولم يرتضِ المرداويُّ هذا الإطلاق، وأعقبَه بقوله: "مِنْ حيثُ الجملةُ، وهذا - أي: كلام البعلي - على إطلاقِه فيه نظرٌ" (¬٢).
وبيّن المرداويُّ إنَّ الإشكالَ الواردَ على كلامِ البعلي، مِنْ جهةِ تحريمِ الفتوى والحكمِ بالوجهِ مِنْ غيرِ نظرِ في الترجيحِ، بالإجماع (¬٣).
أمثلةُ الوجه عند الحنابلة:
المثال الأول: يقولُ الموفقُ بنُ قدامة: "إذا اجتمعَ ماءٌ مستعملٌ إلى قلتين غير مستعملٍ، صار الكلُّ طهورًا ... وإن انضمَّ مستعملٌ إلى مستعملٍ، ولم يبلغ القلتين، فهو باقٍ على المنعِ، وإنْ بَلَغَ قلتين: ففيه وجهانِ" (¬٤).
المثال الثاني: يقولُ ابنُ مفلحٍ مُعددًا نواقض الوضوء: "الخامس: لمسُه أنثى لشهوةٍ ... وفي الميتةِ والصغيرةِ والعجوزِ والمَحْرَمِ: وجهانِ" (¬٥).
المثال الثالث: يقولُ المرداويُّ: "وأمَّا إذا كان الماءُ مع عبدِه، ولم يعلمْ به السيدُ، ونَسِيَ العبدُ أنْ يُعْلِمَه حتى صلَّى بالتيممِ: فقيل: لا يعيد ... وقيل: هو كنسيانِه.
قالَ في: (الفائق): يعيدُ إذا جهلَ الماءَ في أصحِّ الوجهين" (¬٦).
المثال الرابع: يقولُ ابنُ رجبٍ: "قاعدة: مَنْ سُومحَ في مقدارٍ يسيرٍ، فزادَ عليه، فهلْ تنتفي المسامحةُ فيَ الزيادةِ وحدها، أو في الجميعِ؟ فيه وجهانِ" (¬٧).
---------------
(¬١) انظر: المطلع على أبواب المقنع (ص/ ٤٦١).
(¬٢) الإنصاف (١/ ٦).
(¬٣) انظر: المصدر السابق (١١/ ١٧٩).
(¬٤) المغني (١/ ٣٦).
(¬٥) الفروع (١/ ٢٣٠).
(¬٦) الإنصاف (١/ ٢٧٩).
(¬٧) تقرير القواعد (١/ ٢٢٠).

الصفحة 497