كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 1)

المثال الثاني: قول الجلابُ المتقدّم في الفرعِ الأولِ.
ثانيًا: أمثلة النوع الثاني: (أنْ يكونَ في المسألةِ حكمٌ منصوصٌ عن إمامِ المذهبِ، فيُخرَّج فيها مِنْ مسألةٍ أخرى قولٌ له بخلافِه).
المثال الأول: يقولُ ابنُ الحاجب: "الجسدُ في النضحِ كالثوبِ على الأصحِّ، وفيها - أيْ: في المدونة -: "وَلا يَغْسِل أنثييه من المذي، إلا أنْ يخشى إصابتهما"، فأَخَذَ منه الغسل" (¬١).
قالَ خليلٌ في شرحِه: "أي: أنَّ الأصحَّ في الجسدِ أنَّه كالثوب ... ومقابل الأصحّ: أنَّ الجسدَ يُغْسَلُ؛ لعدمِ فسادِه، واستُقرِئ مِن (المدوَنةِ)، مِنْ قولِه: "ولا يغسلُ أنثييه من المذي، إلا أنْ يخشى إصابتهما"، فإنَّ ظاهرَه: أنهَّ إذا خَشِيَ، يغسلُهما" (¬٢).
المثال الثاني: جاءَ في: (المدونة) النصُّ في البيوعِ الفاسدةِ على مَنْعِ جمعِ الرَجُلين سلعتيهما في البيعِ (¬٣)، يقولُ ابن فرحون: "ويتخرَّجُ مِن الشفعةِ، ومِنْ كتابِ التجارةِ إلى أرضِ الحربِ: الجوازُ" (¬٤).
ثالثًا: مثال النوع الثالث: (أنْ يُوجدَ النصُّ في مسألةٍ على حكمٍ، ويُوجدَ نصٌّ في مثلِها على ضدِّ ذلك الحكم، ولا يوجد فارقٌ بينهما، وإنقل النصُّ مِنْ إحدى المسألتين، ويخرِّج في الأَخرى):
يقولُ ابن الحاجب: "ويستترُ العُرْيان - أي: في الصلاة - بالنجسِ وبالحريرِ، ونصَّ ابن القاسم، وأشهب في الحرير: يصلي عريانًا.
فإن اجتمعا: فالمشهور لابنِ القاسم: بالحريرِ، وأصبغ (¬٥): بالنجسِ.
---------------
(¬١) جامع الأمهات (ص/ ٣٩).
(¬٢) التوضيح (ص / ١٤٨ - ١٤٩).
(¬٣) انظر: المدونة (٣/ ١٨٩).
(¬٤) كشف النقاب الحاجب (ص/ ١٠٥).
(¬٥) هو: أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع المصري، أبو عبد الله، ولد بعد ١٥٠ هـ من موالي عبد العزيز بن مروان، كان إمامًا ثقةً فقيهًا أصوليًا محدثًا، من أعيان المالكية، ومفتي الديار المصرية، طلب العلم وهو شاب، ففاته الأخذ عن مالك والليث، وقد رحل إلى المدينة؛ ليسمع من الإمام مالك، فدخلها يوم مات، فأخذ عن: ابن وهب وابن القاسم وأشهب، كان =

الصفحة 507