كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 1)

راجعةٌ إلى قوّةِ الدليل (¬١)، فإذا جيءَ بالأصحِّ، فالمعنى "يكون كلُّ واحدٍ من القولين صحيحًا، وأَدلة كلِّ واحدٍ منهما قويةٌ، إلا أنَّ الأصحَّ مرجَّحٌ على الآخر بوجهٍ مِنْ وجوه الترجيحِ" (¬٢)، فيكون المقابلُ للأصحِّ هو الصحيح؛ إذ التعبيرُ بالأصحِّ مشعرٌ بصحةِ مقابلِه؛ لأنَّه على وزنِ: (أفعل) التفضيل (¬٣).
وليس كونُ مقابلِ الأصحِّ صحيحًا بقاعدةٍ مطردةٍ عند المالكيةِ، فقد يقابلُه الشاذ - فينزّلُ الأصحُ منزلةَ المشهور (¬٤) - وقد يقابلُه إجراءٌ - وسيأتي بيانُ معناه - أو اختيارٌ لبعضِ المتأخرين (¬٥)، وقد يقابلُه قولٌ مخرَّجٌ (¬٦).
أمثلة: الصحيح، والأصح عند المالكية:
المثال الأول: يقولُ الحطّابُ: "لا يؤكلُ الخَشَاش (¬٧) على الصحيحِ مِن المذهبِ، إلا بذكاةٍ" (¬٨).
المثال الثاني: يقولُ ابنُ الحاجبِ: "المؤلفةُ كفارٌ يعطونَ؛ ترغيبًا في الإسلامِ ... والصحيحُ: بقاءُ حكمِهم، إن احتيجَ إليهم" (¬٩).
المثال الثالث: يقولُ خليلٌ: "سُنَّ لعيدٍ ... : خروجٌ بعدَ الشمسِ، وتكبيرٌ فيه حينئذٍ، لا قبله، وصُحِّحَ خلافُه" (¬١٠).
---------------
(¬١) انظر: كشف النقاب الحاجب لابن فرحون (ص/ ٩٠)، ومقدمة تحقيق مسائل لا يعذر فيها بالجهل على مذهب الإمام مالك (ص/ ١٤).
(¬٢) كشف النقاب الحاجب لابن فرحون (ص/ ٩١).
(¬٣) انظر: مقدمة تحقيق مسائل لا يعذر فيها بالجهل على مذهب الإمام مالك (ص/ ١٤).
(¬٤) انظر: كشف النقاب الحاجب لابن فرحون (ص/ ٩١).
(¬٥) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩٣).
(¬٦) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩٢).
(¬٧) الخشاش: دواب الأرض من الحشرات والهوام. أو هو: ما لا دماغ له من دواب الأرض. انظر: المصباح المنير للفيومي، مادة: (خشش)، (ص/ ١٤٥)، والقاموس المحيط، مادة: (خشش)، (ص/ ٧٦٤).
(¬٨) مواهب الجليل (١/ ٨٧).
(¬٩) جامع الأمهات (ص/ ١٦٤ - ١٦٥).
(¬١٠) مختصر خليل (١/ ١٠٣) مع شرحه جواهر الإكليل.

الصفحة 523