كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 1)

القولُ المشهورُ فيها: المنعُ، وعملُ المتأخرين على الجوازِ (¬١).
وقد أجابَ القاضي ابنُ فرحون عن تعقبِ القفصي، بقولِه: "إنَّ لشيوخِ المذهبِ المتأخرين، كأبي عبد الله بن عتَّاب (¬٢)، وأبي الوليد بنِ رشدٍ ... وأبي بكر بن العربي اختياراتٍ، وتصحيح (¬٣) لبعضِ الرواياتِ والأقوالِ، عَدَلوا فيها عن المشهورِ، وجَرَى باختيارِهم عَمَلُ الحكّامِ والفتيا؛ لما اقتضتُه المصلحةُ وجَرَى به العُرفُ، والأحكامُ تجري مَعَ العرفِ والعادةِ" (¬٤).

الفرق بين (الراجح)، و (المشهور) عند أصحاب القول الثاني:
الفرق بين (الراجح)، و (المشهور) عند أصحاب القول الثاني، هو أنَّ الراجحَ نَشَأَت قوتُه مِن الدليلِ ذاتِه، مِنْ غيرِ نظرٍ إلى قائلِه، أمَّا المشهورُ، فَنَشَأتْ قوتُه مِنْ كثرةِ القائلين به (¬٥).
القول الثالث: أنَّه قول ابن القاسم في: (المدوَّنة).
حَكَى هذا القولَ محمدٌ الدسوقيُّ (¬٦)، وأبو عبدِ الله الفاسي (¬٧). وهو ظاهرُ اختيارِ القاضي ابنِ فرحون في كتابِه: (تبصرة الحكام) (¬٨)، مع أنَّه لم يذكر القولَ الثالثَ أصلًا في كتابِه: (كشف النقاب الحاجب).
---------------
(¬١) انظر: كشف النقاب الحاجب لابن فرحون (ص/ ٦٥)، وتبصرة الحكام له (١/ ٧٥).
(¬٢) هو: محمد بن عبد الله بن عتاب القرطبي، أبو عبد الله، يعرف بابن المقري، ولد سنة ٣٨٣ هـ كان فقيهًا حافظًا محدثًا عالمًا زاهدًا ثقة مأمونًا، من خيار فقهاء المذهب المالكي، وقد تتلمذ لابن الفخار، وانتفع به أهل الأندلس، وقد أوذي من بني عبيد، وأحرقوا كتبه؛ لتمسكه بالسنة، توفي سنة ٤٦٢ هـ. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك للقاضي عياض (٧/ ٩٠)، وشجرة النور الزكية لمخلوف (١/ ١١٩).
(¬٣) هكذا في: كشف النقاب الحاجب (ص/ ٦٦)، ولعل الصواب: "تصحيحات".
(¬٤) المصدر السابق (ص/ ٦٥ - ٦٦).
(¬٥) انظر: نور البصر (ملزمة ١٠، ص/ ٣) بواسطة: الاختلاف الفقهي في المذهب المالكي لعبد العزيز الخليفي (ص/ ١٧٦).
(¬٦) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (١/ ٢٠).
(¬٧) انظر: رفع العتاب والملام (ص/ ١٧).
(¬٨) انظر: (١/ ٧٥).

الصفحة 550