كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 1)

المطلب)؛ إذ قَصَرَ مصطلحَ: (المشهور) على ما اختاره ابنُ حمدان على وجهِ الخصوصِ (¬١).
ويظهر لي مِنْ خلالِ تأمُّلِ عددٍ مِن المواضعِ التي ورد فيها (المشهور) في مدوَّناتِ المذهب الحنبلي - عدا ما ورد في كتاب: (غاية المطلب) للجراعي - أنَّ استعمالَهم للمشهورِ بمعناه اللغوي، يويَّد ذلك: عدمُ نصِّ علمائهم على معنى خاصٍّ له، وقصارى ما وجدتُه هو أن المشهورَ إمَّا أنْ يكونَ عن الإمامِ أحمدَ، وإمَّا أنْ يكونَ عن بعضِ أصحابِه (¬٢).
وقد عرَّف الدكتورُ ناصر الميمان مصطلحَ: (المشهور) عند الحنابلةِ بأنَّه: القولُ المعروفُ عن الإمامِ عند معظمِ الأصحابِ، ورجحه أكثرُهم (¬٣).
أمثلة المشهور عند الحنابلة:
المثال الأول: يقولُ الموفقُ بنُ قدامة: "المضمضةُ والاستنشاقُ واجبانِ في الطهارتينِ جميعًا: الغُسلِ والوضوءِ، فإنَّ غَسْلَ الوجهِ واجبٌ فيهما، هذا المشهورُ في المذهبِ" (¬٤).
المثال الثاني: يقولُ الزركشيُّ الحنبليُّ (¬٥) عند قولِ الخرقي: "فإنْ تيممَ في أولِ الوقت، وصلَّى، أجزأه، وإنْ أصابَ الماءَ في الوقتِ": "هذا هو المذهبُ المشهورُ" (¬٦).
---------------
(¬١) انظر: غاية المطلب (ص/ ٣٠).
(¬٢) انظر: صفة الفتوى (ص/١١٣ - ١١٤).
(¬٣) انظر: مقدمة تحقيق التوضيح للشويكي (١/ ١١٨).
(¬٤) المغني (١/ ١١٦).
(¬٥) هو: محمد بن عبد الله بن محمد الزركشي المصري، شمس الدين أبو عبد الله، كان علامةً محققًا عالمًا فقيهًا حنبليًا متقنًا، من مؤلفاته: شرح مختصر الخرقي - وهو أشهر كتبه - وشرح قطعة من المحرر، وشرح قطعة من الوجيز، توفي بمصر سنة ٧٧٢ هـ. انظر ترجمته في: المقصد الأرشد لابن مفلح (٢/ ٤٢٦)، والمنهج الأحمد للعليمي (٥/ ١٣٧)، والدر المنضد له (٢/ ٥٤٩)، وشذرات الذهب لابن العماد (٨/ ٣٨٤)، والسحب الوابلة لابن حميد (٣/ ٩٦٦)، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص/ ٤١٩).
(¬٦) شرح الزركشي على مختصر الخرقي (١/ ٣٣٤).

الصفحة 558