كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

ويظهرُ لي أنَّ معنى الشاذّ عند الحنفيةِ والشافعيةِ والحنابلةِ: هو ما ينفردُ به أحدُ أتباعِ المذهبِ عن بقيةِ علماءِ مذهبِه، مع مخالفتِه لهم (¬١).
فلا بُدَّ مِن الانفرادِ، ومِن المخالفةِ؛ ليوصفَ القول بالشذوذِ.
وقد يكون وصفُ القولِ بأنَّه شاذٌّ في مذهبِ، غيرَ أنَّه ليس بشاذٍّ في مذهبٍ آخر.
أولًا: الشاذ عند المالكية:
الشاذُّ عند المالكية هو: القولُ الذي يقابلُ المشهورُ (¬٢).
ويُعرَّفُ الشاذ - بناءً على الخلافِ في تعريفِ المشهور - بأنَّه: ما ضعفَ دليلُه (¬٣).
أو: القولُ الذي لم يصدرْ عن جماعةٍ (¬٤).
أو: القولُ الذي لم يكثرْ قائلوه (¬٥).
وقد فرَّق بعضُ المالكيةِ بين مصطلحي: (الضعيف)، و (الشاذ)، بأنَّ الضعيفَ يُعتبرُ مرجوحًا حين موازنةِ الأدلةِ، أمَّا الشاذُّ فقد يكون دليلُه قويًا، إلا أنَّ صفةَ التفردِ لم تقوَ أمامَ مقابلِه، وهو المشهورُ (¬٦).
أمثلة الشاذ عند المالكية:
المثال الأول: يقولُ الدسوقيُّ: "يُكْرَه لشخصٍ أنْ يؤجرَ نفسَه في عملِ طاعةٍ مِن الطاعاتِ، سواء كان حجًا، أو غيره ... والقولُ الشاذُ: جوازُ ذلك" (¬٧).
---------------
(¬١) انظر: المغرب في ترتيب المعرب للمطرزي، مادة: (شذذ)، (ص/ ٢٤٦)، والمصباح المنير للفيومي، مادة: (شذذ)، (ص/ ٢٥٢).
(¬٢) انظر: التوضيح على جامع الأمهات لخليل (ص/ ٥٨)، ورفع العتاب والملام للفاسي (ص/ ٢٠).
(¬٣) انظر: كشف النقاب الحاجب (ص/ ٧٤)
(¬٤) انظر: رفع العتاب والملام للفاسي (ص/ ٢٠)، والبهجة في شرح التحفة للتسولي (١/ ٢٠).
(¬٥) انظر: أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي للدكتور محمد رياض (ص/٥٤٣).
(¬٦) انظر: المصدر السابق.
(¬٧) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٢/ ١٨).

الصفحة 581