كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

الأمر الأول: بلوغُه رتبةَ الاجتهادِ في الشريعةِ الإِسلاميةِ، وتقليدُه لإِمامِه في بعضِ المسائلِ.
الأمر الثاني: بلوغُ المتمذهبِ رتبةَ الاجتهادِ في بعضِ المسائلِ - بناءً على القولِ بتجزؤِ الاجتهادِ - فيخرجُ عن مذهبِه؛ لمَّا تبيّنَ له رجحانُ غيرِه.
ثالثًا: أقسام التمذهب باعتبار صفة التمذهب:
ينقسمُ التذهبِ باعتبارِ صفةِ التمذهبِ إِلى قسمين:
القسم الأول: التمذهبُ الحقيقي.
كما تقدم لنا في تعريفِ التمذهبِ أنَّه التزامٌ، فإذا وُجِدَتْ في المنتسبِ إِلى المذهبِ حقيقةُ التمذهبِ، وهي الالتزامُ بالمذهب - سواءٌ أكانت في الأصولِ، أم في الفروعِ، أم فيهما - فهو التمذهبُ الحَقيقي حينئذٍ.
ويدخلُ تحتَ هذا القسمِ جميعُ المتمذهبين الذين لم يبلغوا رتبةَ الاجتهادِ في الشريعةِ الإِسلاميةِ.
القسم الثاني: التمذهب الاسمي.
المرادُ بالتمذهبِ الاسمي هو: انتسابُ المجتهدِ المطلقِ إِلى مذهب معيّنٍ - دونَ أنْ تُؤَثرَ هذه النسبةُ في آرائِه واختياراتِه - فهو متمذهبٌ بالاسمِ فقط، دون الحقيقة؛ إِذْ حقيقةُ التمذهبِ - وهي الالتزامُ بالمذهبِ - غيرُ موجودةٍ، لكنَّ المجتهدَ يُؤْثِرُ بقاءَ انتسابِه إِلى مذهبِه.
يقولُ أبو الفرجِ بنُ الجوزي (¬١): "فأَمَّا المجتهد مِنْ أصحابِه - أيْ:
---------------
(¬١) هو: عبد الرَّحمن بن عليّ بن محمد بن عليّ الجوزي القرشي التيمي البكري، أبو الفرج جمال الدين، ولد سنة ٥٠٩ هـ وقيل: ٥١٠ هـ كان شيخ وقته، فقيهًا حنبليًا أصوليًا مفسرًا علامةً حافظًا، أحد أئمة العلم، اشتهر بالوعظ والتذكير، والزهد والورع، من مؤلفاته: زاد المسير إِلى علم التفسير، وتلبيس إِبليس، والتحقيق لأحاديث التعليق، ومناقب الإِمام أحمد بن حنبل، توفي سنة ٥٩٧ هـ. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان لابن خلكان (٣/ ١٤٠)، وسير أعلام النُّبَلاء (٢١/ ٣٦٥)، والبداية والنهاية (١٦/ ٧٥٦)، والذيل على طبقات الحنابلة لابن =

الصفحة 611