كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

أصحاب الإِمام أحمد - فإِنَّه يتَّبعُ دليلَه مِنْ غيرِ تقليدٍ له، ولهذا يميلُ إِلى إِحدى الروايتين عنه دونَ الأخرى، ورُبّما اختارَ ما ليس في المذهب أصلًا؛ لأنَّه تابعٌ للدليلِ، وإِنَّما يُنسبُ هذا إِلى مذهب أحمدَ؛ لميلِه إِلَى عموم أقوالِه" (¬١).
وقد سبقَ لنا الحديثُ عن مسألةِ: (تمذهب المجتهد) بصورِها المختلفةِ.
ويمكنُ أنْ يمثلَ لهذا القسمِ بـ: تقي الدّينِ بنِ تيمية، وابنِ القيّم، وجلالِ الدّينِ السيوطي (¬٢).
رابعًا: أقسام التمذهب باعتبار معرفة الدليل:
ينقسمُ التمذهب باعتبارِ معرفةِ الدليلِ إِلى قسمين:
القسم الأول: التمذهبُ مع معرفةِ الدليلِ.
يتحقّقُ التمذهبُ الكاملُ مع معرفةِ دليلِ المذهبِ، فيُوجدُ في المتمذهبين مَنْ له معرفةٌ بمذهبِه - في أصولِه وفروعِه، أو في أحدِهما - ومعرفةٌ بأدلتِه في جميعِ المسائلِ، أو بعضِها (¬٣)، ولا شكَّ في أنَّ رتبةَ مَنْ عَرَفَ مذهبَه بدليلِه أعلى مِنْ رتبةِ مَنْ عَرَفَ مذهبَه، وجَهَلَ دليلَه.
وقد تؤدي معرفةُ المتمذهبِ بالدليلِ إِلى مزيدِ تمسكِه بمذهبه؛ لقوةِ دليلِه، وقد تؤدي إِلى تركِ المذهبِ ومخالفتِه؛ لضعفِ دليلِه أمامَ أدلةِ مَنْ خالفَه، وقد لا تُؤَثِّرُ المعرفةُ في زحزحةِ المتمذهبِ عنْ قولِ إِمامِه (¬٤).
---------------
= رجب (٢/ ٤٥٨)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (٢/ ٩٣)، والمنهج الأحمد للعليمي (٤/ ١١)، وطبقات المفسرين للداودي (١/ ٢٧٥).
(¬١) مناقب الإِمام أحمد (ص/ ٦٦٦).
(¬٢) سيأتي في: المبحث الخامس من الباب الثاني: (دعم سبيل الارتقاء إِلى مقام الاجتهاد) التمثيلُ بعدد من المتمذهبين الذين بلغوا درجة الاجتهاد المطلق في الشريعة.
(¬٣) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٨)، وصفة الفتوى (ص/ ٢٢).
(¬٤) انظر: إِعلام الموقعين (٦/ ١٢٦ - ١٢٧).

الصفحة 612