كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

ويمكنُ أنْ يُمثلَ لهذا القسمِ بالعلماءِ الذين ألّفوا في فقهِ مذهبِهم وأصولِه، مع استدلالِهم له.
القسم الثاني: التمذهب مع عدم معرفة الدليل.
ليسَ مِن شرطِ تحققِ التمذهبِ أنْ يعرفَ المتمذهبُ دليلَ مذهبِه؛ إِذ التمذهبُ التزامٌ بالمذهبِ، وليستْ معرفةُ دليلِ المذهبِ مِنْ شرطِ الالتزامِ به.
وقد يكونُ مردُّ عدمِ معرفةِ دليلِ المذهبِ إِلى التدرجِ العلمي الَّذي يسيرُ عليه المتمذهبُ، فَيَتَدَرّجُ في العلمِ ويرتقي فيه، وأولُ درجاتِ التعلمِ والتفقهِ معرفةُ المذهبِ مجرّدًا عن دليلِه.
وقد يكونُ مردُّ عدمِ معرفةِ دليلِ المذهبِ إِلى قناعةِ المتمذهبِ بصوابِ رأي إِمامِه، فإِذا كان رأي إِمامِه صوابًا، فما الحاجةُ إِلى معرفةِ دليلِه؟ !
يقولُ ابنُ القيّمِ واصفًا حالَ بعضِ المتفقهةِ: "طائفةٌ تفقهتْ في مذاهب مَن انتسبتْ إِليه، وحَفِظَتْ فتاويه وفروعَه، وأقرَّتْ على أنفسِها بالتقليدِ المحضِ مِنْ جميعِ الوجوهِ، فإِنْ ذكروا الكتابَ والسنةَ يومًا ما في مسألةٍ، فعلى وجهِ التبركِ والفضيلةِ" (¬١).
* * *
---------------
(¬١) المصدر السابق (٦/ ١٢٧).

الصفحة 613