كتاب التمذهب – دراسة نظرية نقدية (اسم الجزء: 2)

الاتجاه الثاني: الوقوفُ مع النصِّ الشرعي، مع البحثِ والنظرِ في علتِه وغرضِ الشارعِ منه (¬١).
ومَعَ استمرارِ الزمنِ، أَخَذَ الخلافُ يتعمّقُ بين الاتجاهينِ، واتّسعتْ شُقَّةُ الخلافِ المنهجي بين الفريقينِ، حتى ظَهَرَتْ إثرَ ذلك: مدرسةُ الأثرِ، ومدرسةُ الرأي، فكان لكلِّ واحدةٍ منهما مميزات وخصائص، وطريقةٌ في النظرِ في الأدلةِ والاستدلالِ منها، ظَهَرَ أَثَرُها في أصولِ المذاهب الفقهيةِ التي نشأتْ عنهما (¬٢).
يقولُ الشيخُ محمد أبو زهرةَ: "كلمَّا اخْتَلَفَت المدارسُ الفقهيةُ كان الاختلاف سببًا في أنْ تتميّزَ مناهجُ الاستنباطِ في كلِّ مدرسةٍ" (¬٣).
أولا: مدرسة الأثر:
كان مقرُّ مدرسةِ الأثرِ في الحجازِ، وفي مدينةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجهِ الخصوصِ (¬٤)، ويرجعُ فقهُ هذه المدرسةِ إلى عددِ مِن الصحابةِ - رضي الله عنهم -، ومِنْ
---------------
(¬١) انظر: الإمام الصادق - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ ١٣٦)، وتاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ ١٤٣)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (١/ ١٨٦)، والفقه الإسلامي ومدارسه له (ص/ ٥٤)، والشريعة الإسلامية تاريخها للدكتور بدران أبو العينين (ص/ ١٢٤)، وتاريخ الفقه الإسلامي له (ص/ ٧٦)، والاجتهاد ومقتضيات العصر لمحمد الأيوبي (ص/ ٨٩)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور محمد موسى (١/ ٥٠)، والجديد في تاريخ الفقه للدكتور محمد إمبابي (ص/ ٩٧)، والمدخل لدراسة الفقه الإسلامي للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ ٨٦).
(¬٢) انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٤٧٩)، والإمام الصادق - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ ١٣٧)، وتاريخ المذاهب الإسلامية له (ص/ ٢٥٩)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ ٧٥).
(¬٣) أصول الفقه (ص/ ١٢). وانظر: أسباب اختلاف وجهات النظر الفقهية للدكتور وهبة الزحيلي (٤/ ٢٢٨) ضمن موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر.
(¬٤) انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٤٧٦)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (١/ ١٨٦)، ودراسة تاريخية للفقه وأصوله للدكتور مصطفى الخن (ص/ ٧٦)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ ١٠٠)، والاجتهاد والتقليد للدكتور محمد الدسوقي (ص/ ١٦٣)، ومقدمة في دراسة الفقه له (ص/ ١٥٣)، والرأي وأثره في مدرسة المدينة =

الصفحة 634