كتاب إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد

((فإنهم عن علمٍ وقفوا)): فهم وقفوا ولم يخوضوا في ما لا علم لهم به، بل وقفوا عند ما علموا من كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
((وعن بصر نافذٍ كَفُّوا)): أي: وعن بصيرة نافذة، كفوا ووقفوا.
((ولَهُم على كشفها كانوا أقوى)): اللام هنا: هي لام الابتداء، كأن تقول: لأنت أحق أن تقول كذا وكذا، فتعرب (هم) مبتدأ، وجملة (كانوا أقوى) خبرها، وهي تشتبه باللام الجارة.
ومعنى هذه العبارة: أنه -لو أمكن- كشف ما كفوا عنه: فهم أحرى من يقوم به، لأنهم أقوى وأقدر على فهمهما.
((وبالفضل -لو كان فيها- أحرى)): فلو كان في البحث والتنقيب عن الأمور المستورة التي طوى الله علمها عن عباده؛ لو كان فيه فضل لكانوا به أحرى وأولى.
((فلئن قلتم: حدَث بعدهم؛ فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورَغِب عن سنتهم)): فما أحدثه الناس بعد الصحابة: فما أحدثوه إلا لبعدهم عن صراط الله وهداه.
((ولقد وصفوا منه ما يشفي، وتكلموا منه بما يكفي)): فالصحابة رضوان الله تعالى عليهم ذكروا ما ينبغي ذكره، وبيَّنوا ما ينبغي بيانه، وفسَّروا كلام الله بما علموه وما تلقوه عن نبيِّهم - صلى الله عليه وسلم -، ففي كلامهم غُنية وكفاية.

الصفحة 33