كتاب إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد

اجتمعت على أن ينفعوك بشيء؛ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء؛ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام، وجفت الصحف)) (¬1)، وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك)) (¬2).
قوله: ((ولا يُتجاوز ما خُط في اللوح المسطور، أراد ما العباد فاعلوه)): فالله تعالى أراد أفعال العباد، وشاء أعمالهم كلها، طاعاتهم ومعاصيهم، فكل ما يعمله العباد فهو بمشيئة الله وتقديره.
قوله: ((ولو عصمهم لما خالفوه)): فلو عصمهم عن جميع المخالفات لما وقعوا فيها، لأنه لا خروج لشيء عن حكمه ومشيئته.
قوله: ((ولو شاء أن يطيعوه جميعاً لأطاعوه)): كما قال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس:99]، وكما في قوله: {لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} [الرعد:31]، وكما في قوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة:31].
قوله: ((خلق الخلق وأفعالهم)): فالله جل وعلا خلق العباد، وخلق قدرتهم وإرادتهم، وخلق أفعالهم أيضاً، كما قال الله
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد في مسنده برقم (2669)، والترمذي في جامعه برقم (2516).
(¬2) رواه الإمام أحمد في مسنده برقم (21589)، وأبو داود في سننه برقم (4699)، وابن ماجه في سننه برقم (77)، من حديث أبي بن كعب وعبدالله بن مسعود وحذيفة بن اليمان -رضي الله عنهم- موقوفاً عليهم، وأما زيد بن ثابت - رضي الله عنه - فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الصفحة 73