كتاب حراسة الفضيلة

والآن إلى إقامة الأدلة:
أولاً: الأدلة من القرآن الكريم:
تنوعت الأدلائل من آيات القرآن الكريم في سورتي النور والأحزاب على فرضية الحجاب فرضاً مؤبداً عاماً لجميع نساء المؤمنين، وهي على الآتي:
الدليل الأول: قول الله تعالى: {وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} :
قال الله تعالى: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولاً معروفاً. وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وءاتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} [الأحزاب: 32ـ33] .
هذا خطاب من الله تعالى لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونساء المؤمنين تبع لهن في ذلك، وإنما خصَّ الله سبحانه نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخطاب: لشرفهن، ومنزلتهن من
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأنهن القدوة لنساء المؤمنين، ولقرابتهن من النبي - صلى الله عليه وسلم -، والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} [التحريم: 6] ، مع أنه لا يتوقع منهن الفاحشة - وحاشاهن - وهذا شأن كل خطاب في القرآن والسنة، فإنه يراد به العموم، لعموم التشريع، ولأن العبرة
بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ما لم يرد دليل يدل على الخصوصية، ولا دليل هنا، كالشأن في قول الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {لئن أشركت ليحبطن عملك} [الزمر: 65] .
ولهذا فأحكام هاتين الآيتين وما ماثلهما هي عامة لنساء المؤمنين من باب الأولى، مثل: تحريم التأفيف في قول الله تعالى: {فلا تقل لهما أفٍّ} [الإسراء: 23] فالضرب محرم من باب الأولى، بل في آيتي الأحزاب لِحاقٌ يدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن، وهو قوله سبحانه: {وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله} وهذه فرائض
عامة معلومة من الدين بالضرورة.
إذا علم ذلك ففي هاتين الكريمتين عدد من الدلالات على فرض الحجاب وتغطية الوجه على عموم نساء المؤمنين من وجوه ثلاثة:

الصفحة 31