كتاب حراسة الفضيلة

التكليف، ما لم يرد دليل يجب الرجوع إليه دالاًّ على التخصيص، ولا مخصص هنا، وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم - في مبايعة النساء: ((إني لا أصافح النساء، وما قولي لامرأة واحدة إلا كقولي لمائة امرأة)) .
الوجه الرابع: زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - أمهات لجميع المؤمنين، كما قال الله تعالى:
{وأزواجه أمهاتهم} [الأحزاب: 6] ، ونكاحهن محرم على التأبيد كنكاح
الأمهات:
{ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً} [الأحزاب: 53] ، وإذا كانت زوجات النبي- صلى الله عليه وسلم - كذلك، فلا معنى لقصر الحجاب عليهن دون بقية نساء المؤمنين، ولهذا كان حكم فرض الحجاب عاماً لكل مؤمنة، مؤبداً إلى يوم القيامة، وهو الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم، كما تقدم من حجبهم نساءهم رضي الله عنهن.
الوجه الخامس: ومن القرائن الدالة على عموم حكم فرض الحجاب على نساء المؤمنين: أن الله سبحانه استفتح الآية بقوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم..} وهذا
الاستئذان أدب عام لجميع بيوت النبي- صلى الله عليه وسلم - دون بقية بيوت المؤمنين، ولهذا قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره [3/505] :
((حُظر على المؤمنين أن يدخلوا منازل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير إذن كما كانوا قبل ذلك يصنعون في بيوتهم في الجاهلية وابتداء الإسلام، حتى غار الله لهذه الأمة فأمرهم بذلك، وذلك من إكرامه تعالى هذه الأمة، ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((إياكم والدخول على النساء)) الحديث..)) انتهى.
ومَن قال بتخصيص فرض الحجاب على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لزمه أن يقول بقصر حكم الاستئذان كذلك، ولا قائل به.
الوجه السادس: ومما يفيد العموم أن الآية بعدها: {لا جناح عليهن في آبائهن..} فإن نفي الجناح استثناء من الأصل العام، وهو فرض الحجاب،

الصفحة 36