كتاب حراسة الفضيلة
الحرج، كما في قوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة: 286] ، وقوله تعالى: {وقد فصَّل لكم ما حرَّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} [الأنعام: 119] .
الوجه الثالث: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} : لما أوجب الله على نساء المؤمنين الحجاب للبدن والزينة في الموضعين السابقين، وأن لا تتعمد المرأة إبداء
شيء من زينتها، وأن ما يظهر منها من غير قصد معفو عنه، ذكر سبحانه لكمال الاستتار، مبيناً أن الزينة التي يحرم إبداؤها، يدخل فيها جميع البدن، وبما أن القميص يكون مشقوق الجيب عادة بحيث يبدو شيء من العنق والنحر والصدر، بيَّن سبحانه وجوب ستره وتغطيته، وكيفية ضرب المرأة للحجاب على ما لا يستره القميص، فقال عز شأنه: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ، والضرب: إيقاع شيء على شيء، ومنه: {ضربت عليهم الذلة} [آل عمران: 112] أي: التحفتهم الذلة التحاف الخيمة بمن ضُربت عليه.
والخُمر: جمع خِمار، مأخوذ من الخمر، وهو: الستر والتغطية، ومنه قيل للخمر خمراً؛ لأنها تستر العقل وتغطيه، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في [فتح الباري: 8/489] : ((ومنه خمار المرأة؛ لأنه يستر وجهها. انتهى.
ويقال: اختمرت المرأة وتخمَّرت، إذا احتجبت وغطَّت وجهها.
والجيوب مفردها: جيب، وهو شق في طول القميص.
فيكون معنى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} أمر من الله لنساء المؤمنين أن يلقين بالخمار إلقاء محكماً على المواضع المكشوفة، وهي: الرأس، والوجه، والعنق، والنحر، والصدر. وذلك بِلَفِّ
الخمار الذي تضعه المرأة على رأسها، وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهذا هو التقنع، وهذا خلافاً لما كان عليه أهل الجاهلية من سدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما هو قدامها، فأمرن بالاستتار.
الصفحة 42
136