كتاب حراسة الفضيلة

المهاجرات الأول، لما نزلت: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} شققن مروطهن، فاختمرن بها.
رواه البخاري، وأبو داود، وابن جرير في التفسير، والحاكم، والبيهقي، وغيرهم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في [فتح الباري: 8/490] : ((قوله: فاختمرن أي: غطين وجوههن)) انتهى.
وقال شيخنا محمد الأمين رحمه الله تعالى في [أضواء البيان: 6/ 594ـ595] : ((وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيات المذكورات فيه فهمن أن معنى قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} يقتضي ستر وجوههن، وأنهن شققن أزرهن، فاختمرن أي سترن وجوههن بها امتثالاً لأمر الله في قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} المقتضي ستر وجوههن، وبهذا يتحقق المنصف: أن احتجاب المرأة عن الرجال وسترها
وجهها عنهم ثابت في السنة الصحيحة المفسرة لكتاب الله تعالى، وقد أثنت عائشة رضي الله عنها على تلك النساء بمسارعتهن لامتثال أوامر الله في كتابه، ومعلوم أنهن ما فهمن ستر الوجوه من قوله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} إلا من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه موجود وهن يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن، والله جل وعلا يقول: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} فلا يمكن أن يفسرنها من تلقاء أنفسهن، وقال ابن حجر في فتح الباري: ولابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عثمان بن خيثم عن صفية ما
يوضح ذلك، ولفظه: ((ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن، فقالت: إن نساء قريش لفضلاء، ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها،

الصفحة 47