كتاب حراسة الفضيلة

فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رءوسهن الغربان)) كما جاء موضحاً في رواية البخاري المذكورة آنفاً، فترى عائشة رضي الله عنها مع علمها وفهمها وتقاها، أثنت عليهن هذا الثناء العظيم، وصرحت بأنها ما
رأت أشد منهن تصديقاً بكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل، وهو دليل واضح على أن فهمهن لزوم ستر الوجوه من قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} من تصديقهن بكتاب الله وإيمانهن بتنزيله، وهو صريح في أن احتجاب النساء عن الرجال وسترهن وجوههن تصديق بكتاب الله وإيمان يتنزيله كما ترى، فالعجب كل العجب ممن يدّعي من المنتسبين للعلم أنه لم يرد في الكتاب ولا السنة، ما يدل على ستر المرأة وجهها عن الأجانب، مع أن الصحابيات فعلن ذلك ممتثلات أمر الله في كتابه إيماناً بتنزيله، ومعنى هذا ثابت في الصحيح كما تقدّم
عن البخاري، وهذا من أعظم الأدلة وأصرحها في لزوم الحجاب لجميع نساء المسلمين كما
ترى)) انتهى.
4 - حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك، وفيه: وكان -صفوان- يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فَخَمَّرت وجهي عنه بجلبابي. متفق على صحته.
وقد تقدم في تفسير [آية الأحزاب: 53] أن فرض الحجاب لأمهات المؤمنين وعموم نساء المؤمنين.
5 - وعن عائشة رضي الله عنها حديث قصتها مع عمها من الرضاعة -وهو أفلح أخو أبي القعيس- لما جاء يستأذن عليها بعد نزول الحجاب، فلم تأذن له حتى أذن له النبي - صلى الله
عليه وسلم -؛ لأنه عمها من الرضاعة. متفق على صحته.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في [فتح الباري: 9/152] : ((وفيه وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب)) انتهى.
وهذا اختيار من الحافظ في عموم الحجاب، وهو الحق.
6 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كن نساء المؤمنات يشهدن مع

الصفحة 48