كتاب حراسة الفضيلة

((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية)) ، وأن المفرط في هذه الأمانة آثم عاصٍ لله تعالى، يحمل وزر معصيته أمام ربه، ثم أمام عباده.
عن حميد الضَّبعي قال: كُنَّا نسمع أن أقواماً سحبوهم عيالاتهم على المهالك. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب [العيال: 2/ 622] .
والله سبحانه يقول: {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم..} [التغابن: 14] .
ومن عدواتهم للوالدين: التفريط في تربيتهم، لما يؤول إليه من التأثيم.
قال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله تعالى: كان يقال: إذا بلغ الغلام فلم يزوجه أبوه فأصاب فاحشة أثم الأب. رواه ابن أبي الدنيا في [كتاب العيال: 1/172] .
وقال مقاتل بن محمد العتكي: حضرت مع أبي وأخي عند أبي إسحاق
-إبراهيم الحربي-، فقال إبراهيم الحربي لأبي: هؤلاء أولادك؟ قال: نعم، قال: احذر لا يرونك حيث نهاك الله فتسقط من
أعينهم. كما في [صفة الصفوة] لابن الجوزي.
وأن هذا التفريط يوجب عزل ولايته، أو ضم صالح إليه، إذ القاعدة أنه لا ولاية لكافر ولا لفاسق، لخطر تلك المحاضن على المواليد في إسلامهم وأخلاقهم.
والشأن هنا في تشخيص البدايات المضرة، والأوليات المضلة التي يواجهها الأطفال، الذين بلغوا مرحلة التمييز بين الأشياء بالتفريق بين النافع والضار، والتمييز يختلف باختلاف قدرات الأطفال، وهي تلك البدايات التي يتساهل فيها في تربية الذرية بدافع العاطفة والوجدان، حتى إذا بلغ المولود رشده كان قد استمرأ هذه الأذايا، وخالطت
دمه وقلبه، وكسرت حاجز النفرة

الصفحة 83