كتاب فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة

المبحث الثالث
التمحور حول مسائل الخلاف الاجتهادي
لقد نالَ العملَ الإِسلاميَّ والخطابَ السلفيَّ -بسبب عدم: ضبطِ الخلافِ العلميِ- أذًى كثيرٌ، وتطرَّق إليه خللٌ كبيرٌ, وانفتح بابٌ للطعن والانتقاد بحقِّ وبغير حقٍّ!
حتى قيل عن هذا التيار: إنه التيار الذي لا يعرف تعددًا في آرائه، ولا اختلافًا بين فقهائه، ولا يؤمن بحوار بين أعضائه، ولا يقبل بالتعدديةِ في طوائفه؛ كلُّ الخلافِ عنده تضادٌّ، وكلُّ تضادٍ لديه فهو غير سائغ!! لا فَرْقَ بين الثوابتِ القطعيةِ، والمتغيراتِ الاجتهاديةِ، ولا بين النصوصِ الشرعيةِ، والاجتهاداتِ البشرية.
ولا شك أن التعصب للاختياراتِ الاجتهاديةِ مع غرس سمت التعالم والتعالي عند الطالب والمتلقي يُنتجُ فوضى علمية وغير أخلاقيةٍ في آنٍ واحدٍ.
وصدق شيخ الإِسلام رحمه الله حيث قال: "ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يَبْقَ بين المسلمين عصمة ولا أخوة" (¬1). وعن المعارك السلفية في المسائل الاجتهادية الجزئية الفروعية حدِّث ولا حرج!!
¬__________
(¬1) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (24/ 173).

الصفحة 106