كتاب فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة
الدعوية المنضوية تحت راية أهل السنة!! ولو أن مراجعةً علميةً ومنهجيةً لفقه السياسة الشرعية عند السلف رحمهم الله تمت لوقف الجميع على قول شيخ الإِسلام في بيان كيف ساغ ليوسف عليه السلام والنجاشي تولي الولايات في دولة غير مسلمة، وحكم تولي ولاياتِ المكوسِ أو الضرائبِ تخفيفًا للمظالمِ.
وأن العالِمَ الربانيَّ تارةً يأمرُ، وتارةً يَنْهَى، وتارة يسكت، وفي كلٍّ يكون موافقًا لأمر الله تعالى، محقِّقًا لمقتضى السياسة الشرعية، وأنه قد يُدفع الكافرُ بالمبتدع، والأشدُّ بدعةً بالأخفِّ، وحكم ترك الإنكار والسكوت لمصلحة شرعية أكبر.
ولو طالع بعضهم كلام ابن القيم والشاطبي والعز ابن عبد السلام رحمهم الله لتحرَّرت فروق كثيرة، وتبينت أخطاء شرعية في مواقفَ لم تكن برشيدةٍ (¬1).
إلا أنه مع تنامي الحس السياسي في بعض المواقع، والدخول إلى جوانب عملية ومعتركات واقعية بدا التيار السلفي بمجموعاته أكثر تفهمًا لحاجة أن يتعامل كتيار، وليس كجماعة متحزِّبة؛ حتى يستوعب جميع الطاقات السلفية، وإن لم تكن منضويةً تحت نفس الراية الحزبية، وهذا -بحمد الله- من معالم التوفيق وأمارات النجاح.
¬__________
(¬1) راجع: مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (23/ 342 - 346)، (28/ 65 - 105، 121 - 131)، و (35/ 24 - 32)، وقواعد الأحكام للعز ابن عبد السلام، (1/ 42 - 44). والموافقات، للشاطبي، (1/ 295)، والطرق الحكمية، لابن القيم، (1/ 200 - 233)، وإعلام الموقعين، لابن القيم، (3/ 11 - 18، 3/ 81 - 88).
الصفحة 130
208