كتاب فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة
المبحث الثالث
ملامح وأسباب الحالة الراهنة
أولًا: الخطاب الإِسلامي ... نجاحات وإخفاقات!
إن النجاحات التي حققها العمل الإِسلامي المعاصر أكبر من أن تُذْكَرَ، أو يُذَكَّرَ بها في هذه العجالة، فهي ملء السمع والبصر، وإن مقارنة بين حال الأمة في مطلع القرن العشرين، وبين حالها في آخره، لتدُلُّ - بلا أدنى ريب - على عمق أثر البعث الإِسلامي في الأمة، وما انتشار الفكرة الإِسلامية، وإثارة وعي الأمة، وتعبئة الجماهير، وتجديد اعتزازها بالانتماء إلى الإِسلام، والسلف الصالح جملةً - إلا ثمراتٌ مباركةٌ لدعوات الخير، ومسيرات الإصلاح، وحركات الإحياء الإِسلامي المخلصة العاملة في محيط الأمة المباركة.
ولقد حفلت المرحلة من السبعينيات إلى التسعينيات بنصيبها البالغ من هذه المنجزات العلمية والعملية على حدٍّ سواء، والذي عَبَّرَتْ عنه بوضوح جموع الشباب التي أظهرت تمسُّكًا بالهدي الظاهر، فانتشرت اللِّحى، وساد الحجاب، واشتعل الحماس في قلوب الشباب، وامتلأت المساجد بإقبال متزايد على العلم الشرعي، مع رقةٍ في القلوب، واستقامةٍ في الأخلاق، وحرصٍ على السنة، وتعظيمٍ لشعائر الدين، وإحياءٍ لشعيرة الجهاد، وفقه الأمر بالمعروف والنهي عن
الصفحة 47
208