كتاب فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة

التيار تدور في فلكِ إنكارِ بعضِ المنكرات الاجتماعية، وبعضِ المخالفات السلوكية، وشروحٍ لبعضِ المتون العلمية، في حين بقيت منكراتُ المجتمع السياسية بعيدةً -غالبًا- عن مداخلةٍ منهجية وعلمية قوية، أو تحرير رأيٍ علمي تقف وراءه دراساتٌ بحثية عميقة، ومثل هذا يقال في منكرات الاقتصاد، والإعلام، والتعليم، والتربية، ووسائل الفعل والتأثير العامة، مما يعني بعدًا عن آلياتٍ وفعالياتٍ مهمة في التغيير، مع نقصٍ حادٍّ في كفاءات ومؤسسات مهمة في المجالات الحيوية السياسية، والإعلامية، والاقتصادية، وهذا على أية حال له استثناءاتٌ تُذْكَرُ -هنا وهناك- ولا تُنْكَرُ، ومحاولات متفرقةٌ لابد وأن تذكر فتُشْكَرَ؛ فلقد وُجِدَتْ مداخلاتٌ سياسية، ومشاركات مجتمعية في عدد من الدول العربية؛ كالكويت، والبحرين، وعدد من الدول الإِسلامية؛ كباكستان، إلا أنها -من حيث العدد- نادرةٌ قليلةٌ لا تُعْطِي حكمًا، ولا تَرْفَعُ حكمَ الظاهرة المذكورة، وبدخول الألفية الجديدة فإن تحولاتٍ منهجيةً قد رُصدت عند الدعوات السلفية التي تحررت من أنماطها العلمية التقليدية، وولجت ميادينَ دعويةً، واجتماعية، وسياسية متعددة؛ جعل منها كياناتٍ قويةً ومنظَّمةً وقادرةً على الفعل والتأثير، وقد تبدَّى هذا واضحًا

الصفحة 52